موظفة حكومية تحمل شهادة جامعية تتسول إيجار منزلها!

موظفة حكومية تحمل شهادة جامعية تتسول إيجار منزلها!

35

شارع المال|

أوردت صحيفة الوطن أن موظفة حكومية تحمل شهادة جامعية لجأت للتسول لتسديد إيجار منزلها البالغ 150 ألف ليرة لأنه لم يعد لديها أي خيار لتسديد تكاليف معيشتها المتزايدة مقابل هزالة الراتب.

وبالتفصيل قالت كاتبة المقال: “استوقفتني امرأة بالعقد الرابع من العمر تظهر عليها علامات الحزن والحياء تطلب مساعدة لجمع إيجار منزلها، اقتربت قائلة: أجمع إيجار منزلي في جرمانا لأن صاحب البيت أنذرني بالإخلاء، المبلغ هو ١٥٠ ألفاً ولا حل أمامي سوى طلبه من الناس في الشارع، وادعت أنها خريجة جامعية موظفة في جهة حكومية ولكن لم يعد أمامها أي طريقة لتسديد تكاليف المعيشة التي تتزايد يوماً بعد يوم مقابل الراتب الهزيل”.

وأشارت الصحيفة إلى أنه “وبرغم تحذير الكثيرين من المحتالين وممتهني التسول، فهل قصّة هذه المرأة أقرب إلى الحقيقة من الكذب؟”

وبينت الصحيفة أنه إذا حسبنا سقف الرواتب في الوظائف الحكومية، فهي لا تكاد تساوي إيجار غرفة في أحد أحياء عشوائيات دمشق، ومع امتداد الأزمة الاقتصادية الخانقة لأكثر من ثلاث سنوات ذهبت أغلب مدخرات الناس أدراج الرياح، وعليه فإن هذه المرأة تمثل حال أغلب موظفي القطاع العام، ولا حلول في المدى المنظور.

ونقلت الصحيفة عن دكتور الاقتصاد حسن حزوري “إن الراتب الذي تدفعه المؤسسات الحكومية لا يكفي أياماً معدودة، بل أصبح لا يكفي مصروف يوم واحد فقط، كما صرح رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، وأحياناً لا يكفي الراتب نفقات نقل وانتقال من مكان السكن إلى مكان العمل، ما يجعل الموظف يفضل الحصول على إجازة بدل الالتحاق بالعمل، وبناء عليه نشهد آلاف طلبات الاستقالة من العمل الوظيفي من أجل البحث عن عمل آخر لدى القطاع الخاص، أو من أجل الهجرة خارج الوطن”.

وأضاف حزوري أن استمرار الوضع على ما هو عليه الآن، من دون أي تحسن بمستوى الرواتب والأجور يعني مزيداً من تدهور مؤسسات القطاع العام والمزيد من خسارتها لكوادرها البشرية والفنية، والمزيد من ضعف الأداء الحكومي وترهله، وبالتالي إلى مزيد من خرق القانون وتجاوزه، والمزيد من الفقر الذي سيؤدي إلى زيادة انتشار الجريمة وتفاقمها والمزيد من الفساد والرشاوى العلنية بعد أن كانت سرية وغير معلنة.

أمام هذا الوضع، وبدل معالجة موضوع الرواتب والأجور وتحسين الوضع المعيشي وتطبيق أحكام الدستور وخاصة المادة 40 الفقرة 2 من دستور الجمهورية العربية السورية التي تنص “لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها”، تلجأ الحكومة لاتجاه معاكس – حسب حزوري – بمعنى تلجأ إلى التهديد والوعيد بالعقاب وإلى التشدد في قبول الاستقالات، بل تصدر التعاميم المختلفة التي تمنع قبولها إلا على نطاق ضيق، وتطالب القضاء بتطبيق أحكام المادة 364 من قانون العقوبات المعدلة بمقتضى المرسوم التشريعي ذي الرقم /46/ لعام 1974، بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لمدة سنة كاملة، كل من ترك عمله أو انقطع عنه من العاملين في الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات أو الهيئات العامة أو البلديات أو أي من جهات القطاع العام أو المشترك، قبل صدور الصك القانوني بقبول استقالته من المرجع المختص، وكذلك من عُدَّ من هؤلاء بحكم المستقيل لتركه العمل أو انقطاعه عنه مدة خمسة عشر يوماً.

وأكد حزوري أن معظم المتسربين من العمل هم من المهنيين وأصحاب الخبرات الفنية، وقسم آخر من غير المثبتين، أو من يعملون بعقود مؤقتة، إذ يلجأ هؤلاء إلى تفضيل العمل لدى القطاع الخاص ، لأن الأخير يدفع رواتب وأجوراً لا تقل عن خمسة أضعاف القطاع الحكومي في حده الأدنى. وإن وجدنا من يقبل بالعمل في القطاع الحكومي وخاصة في القطاع الاقتصادي ، يكون هدفه التدريب والتعلم واكتساب الخبرات ، بمعنى أن المؤسسات والشركات الحكومية تعتبر بمنزلة مراكز تدريب مهنية ، وبمجرد امتلاك الخبرة يستقيل العامل أو ينقطع عن العمل بشكل مقصود، ويلتحق بالقطاع الخاص لكونه يدفع نسبياً رواتب أعلى من القطاع العام.

وعن الحلول اقترح حزوري من أجل تحسين الرواتب والأجور وإيقاف نزيف العاملين في شركات القطاع العام لمصلحة القطاع الخاص، التمييز بين نوعين من مؤسسات القطاع الحكومي، الأول المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي الإنتاجي، والثاني المؤسسات ذات الطابع الإداري والخدمي.

بالنسبة لمؤسسات القطاع الاقتصادي الإنتاجي، التي تنتج سلعاً ومنتجات، كالشركات الصناعية، مثلاً، يجب أن تمنح المرونة الكافية كمرونة القطاع الخاص، وأن تحاسب إداراتها على النتائج من ربح أو خسارة، وأن تخفف عنها وصاية الجهات الرقابية المتعددة، وتمنح كل المرونة والحرية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالخطط الإنتاجية والمبيعات وأيضاً بتحديد الرواتب والحوافز ، وأن تحاسب على النتائج، فلا يعقل أن يكون الراتب الشهري لمن يعمل في إحدى شركات الألبسة الجاهزة التابعة للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية مثلاً 100 ألف ل.س، وراتب قرينه في القطاع الخاص 400 ألف ليرة، ولذلك نجد أن هذه الشركات تعاني ليس من نقص العمالة، بل من تناقصها وبشكل شهري، ما يؤدي إلى توقف خطوطها الإنتاجية بشكل كامل ، وتتكبد مبالغ كبيرة من الخسائر نتيجة توقف الإنتاج ، بسبب نقص العمالة ، ولا تجد من حل سوى أن تقوم بتأجير آلاتها أو بعض خطوطها الإنتاجية للقطاع الخاص ، عبر ما يسمى عقود استثمار، من أجل تخفيف الخسائر.

الوطن – إيمي غسان