أكثر من 40 ألف ميغاو واط كمون طاقي في سورية…8000 ميغاواط منها قابلة للاستثمار في توليد الكهرباء

804

 

شارع المال

أظهرت الدراسات التي قام بها المركز الوطني لبحوث الطاقة، بالتعاون مع الجهات الأخرى، أن سورية تعد من البلاد المشمسة، حيث تتجاوز أيام السطوع 300 يوم في السنة، وأن معظم الجغرافية السورية تمتلك شدة إشعاع شمسي متقارب جداً، حيث يبلغ وسطي كمية هذا الإشعاع على سطح أفقي بـ/5/ كيلواط ساعي على المتر المربع في اليوم، وهو رقم يدل على أن الاستفادة من الطاقة الشمسية سواء في تسخين المياه أم في توليد الكهرباء أمر مجدٍ وذو مردود.
أما فيما يتعلق بطاقة الرياح، فإن الدراسات أثبتت أن لدى البلاد كموناً نظرياً منها لأكثر من 40 ألف ميغاو واط، وأنه من الناحية العملية يبلغ الكمون القابل للاستثمار في توليد الكهرباء حوالى 8000 ميغاواط، وهذا يعني أن الإمكانية متاحة للاستفادة من هذا الكمون في المرحلة المقبلة.
كما أن طاقة الكتلة الحيوية المتمثلة بالمخلفات الحيوانية والنباتية والآدمية متاحة أيضاً بنسبة محددة، حيث أظهرت دراسة خاصة أجراها المركز بالتعاون مع جامعة دمشق عام 2010، بأن الكمون الطاقي الممكن استخراجه من هذه المخلفات يبلغ حوالى /2.3/ ملايين طن مكافئ نفطي. أما الطاقة الكهرومائية، فمستفاد منها عملياً بنسبة كبيرة من خلال سد الفرات، ولكن لا تزال هناك إمكانية للاستفادة من الكمون المتاح على بقية السدود ومجاري الأنهار وقنوات نقل المياه بأنواعها المختلفة، حيث يقدر الكمون الإجمالي لهذه المصادر بحوالى /100/ ميغا واط فقط.

شمس وريح و..
يقول مدير المركز الدكتور يونس علي: إن مصادر الطاقات المتجددة حول العالم متنوعة جداً، لكن إذا أردنا أن نحدد الأنواع المتاحة لدينا، والتي تمتلك كموناً جيداً للاستثمار في توليد الطاقة منها، فإننا نعد الطاقتين الشمسية والريحية النوعين اللذين يمكن التعويل عليهما للعب دور أساس في المساهمة في تأمين الكهرباء للمرحلة المقبلة، وتأتي بعدهما طاقة الكتلة الحيوية والطاقة الكهرومائية.
ويضيف علي أن كل كيلو واط ينتج عبر مصادر الطاقات المتجددة (شمس، رياح، غيرها.. )، يجنب إحراق كمية من الوقود الأحفوري (الفيول، غاز) تعادل حوالى 250 غراماً من الوقود المكافئ، ولأن سورية من الدول التي تتوافر فيها، وبكثرة مثل هذه المصادر، يصبح الاستثمار في هذا القطاع مجدياً وذا مردود، وذلك بالتوازي مع حاجة البلاد المتنامية من الطاقة، كلما دخلنا أكثر في مرحلة الإعمار..

هل تجذب مستثمراً..
ما الذي سيجعل المستثمر المحلي والخارجي مدفوعاً لهذا النوع من الاستثمار؟ سؤال يجيب عليه مدير المركز بأن الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة في أي بلد يحتاج إلى عديد العوامل، أهمها: توافر الكمون المناسب من مصادر هذه الطاقات، ووجود بيئة تشريعية ناظمة ومشجعة لهذا النوع من الاستثمار، تمثلت بصدور قانون الكهرباء 32 لعام 2010، والذي أفسح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في هذه الطاقات، حيث شجع بشكل كبير رأس المال المحلي والعربي والأجنبي على الدخول في هذا النوع من الاستثمار، ولاسيما أن القانون أجاز لوزارة الكهرباء شراء الطاقة المنتجة من المشاريع الاستثمارية طوال فترة إنتاجها، وبأسعار تشجيعية.
ويؤكد أن حجم المشاريع المنفذة حتى تاريخه، مازال متواضعاً بالمقارنة مع الدول المجاورة؛ لأن الانطلاقة في مثل هذه المشاريع كانت متواضعة منذ عام 2004، حيث تكاليف هذه المشاريع آنذاك عالية جداً، ثم جاءت الظروف الاستثنائية مع بداية 2011، حين بدأت الأزمة، وحالت دون تحقيق الطموحات في هذا المجال. ووفقاً للإحصائيات المتوافرة لدينا، فإن مجموع الاستطاعات المركبة من الطاقات المتجددة في سورية حتى تاريخه، يبلغ حوالى 30 ميغا واط، معظمها طاقة شمسية أنتجها القطاع الخاص بنسبة كبيرة.

الوسائل والتكاليف
يشرح معاون مدير المركز الدكتور سنجار طعمة عن الوسائل، التي تستخدم في إنتاج الطاقات الجديدة، مبيناً أن تقنيات تحويلها إلى كهرباء تتنوع بتنوع هذه المصادر، فالطاقة الشمسية تحتاج إلى لواقط كهروضوئية مصنوعة من خلايا سليكونية مع خلائط من أنصاف النواقل، وهذا التقنية تعرف بالتقنية الفوتو فولطية، طبعاً العمر الافتراضي لهذه الخلايا لا يقل عن /25/ سنة، وقد شهدت هذه التقنية في السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً في مواصفاتها الفنية، وانخفاضاً في أسعارها؛ ما جعلها تنتشر حول العالم بشكل ملحوظ.
وبين أن الطاقة الريحية، تحتاج إلى تقنية المراوح، أو ما يعرف بالعنفات الريحية، حيث تقوم بتحويل الطاقة الحركية والكامنة للريح إلى طاقة ميكانيكية دورانية للعنفة، تؤدي إلى إنتاج طاقة كهربائية، وأن العمر الافتراضي لهذه العنفات حوالى /29/ سنة، وأسعارها عالمياً تنخفض، ولكن ليس بالوتيرة نفسها التي تنخفض بها أسعار تقنية اللاوقط الكهروضوئية. وعلى الرغم من أن التكاليف التأسيسية لمشاريع الطاقات المتجددة هي أعلى من تكاليف نظيرتها التقليدية، إلا أنه بسبب عدم حاجة هذه المشاريع إلى وقود، فإن تكلفة إنتاج الكهرباء على مدى العمر الاستثماري هي أقل من تكلفة الأخرى.

العزل يكافئ خفض الاستهلاك
ويقول طعمة: إن للعزل الحراري في الأبنية دوراً فاعلاً في تخفيض استهلاك حوامل الطاقة داخل الأبنية، حيث تبين الدراسات أن تطبيقه في المنزل يؤدي إلى تخفيض استهلاكه من الطاقة اللازمة للتدفئة والتكييف بنسبة لا تقل عن 40%، وهذا يشكل رقماً ملموساً في ميزان الطاقة السوري، في حال تم تطبيقه في الأبنية الجديدة خلال المرحلة المقبلة، وبالتعاون مع الجهات المعنية، ولاسيما نقابة المهندسين ووزارة الإدارة المحلية والبيئة وغيرها من الجهات ذات الصلة.
وكانت وزارة الكهرباء أقرت، قبل أيام، تطبيق كود العزل الحراري، ليصبح ملزماً لكل بناء سكني، بحيث لن يتم منح رخص سكنية من تاريخ صدور التعميم لأي بناء غير مطابق لمواصفات العزل. وبيّن طعمة أن العزل هو آلية تطبّق وفق ثلاثة شروط، وهي عزل جدران المنزل الخارجية، والتأكد من عدم وجود جسور حرارية، ومعالجة مشكلة الرطوبة، موضحاً أنه ستتم مراقبة التنفيذ من قبل مختصين، والتأكد من تطبيق الشروط.
وستعود الآلية الجديدة بالفائدة على مستخدمي الأبنية، بحيث تطيل من عمر البناء لعشرات السنوات، نتيجة حمايته من عوامل المناخ، كالرطوبة والأمطار والمؤثرات البيئية التي تسبب تداعي الأبنية بمرور الوقت، أما بخصوص الأبنية الموجودة مسبقاً، فقد يلجأ أصحابها إلى تطبيق التقنية بأنفسهم، لما لها من ميزات وفوائد.
البعث – أحمد العمار