مسارت غبية …!.

688

                          مسارات غبية..!.

تتزاحم المواضيع المتوجب الكتابة عنها في هذه المرحلة والتي تعكس العجز الحكومي تجاه العديد من القضايا ذات الصلة بالمواطن ومعيشته، لدرجة يصعب معها اختيار قضية محددة بعينها وطرحها للنقاش لكون أن هذه المواضيع تندرج ضمن خانة “المستعجل والهام جداً”..!.

وبعد أن أجرينا مفاضلة -كانت من الصعوبة بمكان- بين ما في جعبتنا هذا الأسبوع، آثرنا طرح الارتفاع الجنوني للأسعار بشكل بات يهدد معيشة المواطن غير القادر على تأمين أبسط مستلزمات غذائه اليومي، وشلل المعالجة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي تنوي بيع “السكر والشاي والرز” عبر البطاقة الذكية وبحدود متدنية جداً لكل من يستحق هذه المواد..!.

لاشك أن مبادرة وزارة التجارة الداخلية هذه، تفضح عجز الوزارة لجهة تعاطيها مع مقتضيات المرحلة، وأن الفساد المكتنف أروقتها يحول دونما أدنى شك باتخاذها أية خطوة جريئة لإنصاف المستهلك، سواء لمحاسبة كبار التجار المسؤولين عن الارتفاعات المستمرة للأسعار، أم لجهة تفعيل السورية للتجارة لاسيما وأن الوزارة ادعت بأنها ستكون “أكبر تاجر”، وكانت تتحدث أيام تأسيسها عن إحداثها لفارق في المشهد التجاري..!.

للأسف باتت الوزارة تسخر البطاقة الذكية في مسارات غبية، إذ من المتوقع أن يفضي بيع المواد آنفة الذكر عبر هذه البطاقة، إلى زيادة عدد الطوابير الموجودة حالياً على “الصرافات ومنافذ بيع الغاز”، طابوراً آخر على منافذ السورية للتجارة، وسيفتح باباً آخر للفساد والمتاجرة بقوت العباد، ناهيكم عن ارتفاع أسعار هذه المواد في المحال التجارية الخاصة أضعافاً مضاعفة، هذا إن بقيت موجودة في هذه المحال ولم تتعرض للاحتكار..!.

ألم تفكر وزارة التجارة الداخلية بهذه الانعكاسات قبل إقدامها على هذه الخطوة..؟.

ألم يكن من المجدي التفكير بتفعيل هيئة المنافسة ومنع الاحتكار لتأخذ دورها الحقيقي لكسر الاحتكار والعمل ضمن صيغة توفير المواد بكميات كبيرة وإتاحة المجال للمنافسة بالأسعار بين التجار، بالتوازي مع محاسبة كبار المتاجرين..؟.

أم أن الوزارة اختارت أبسط السبل لأنها تعي بأن الفساد ينخر بكوادرها الرقابية..؟.

كفاكم تجارب بآليات عفى عليها الزمن، فالمواطن لم يصل إلى حافة الهاوية فحسب، بل سقط فيها بالفعل، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه، فلا نستبعد ارتفاع معدلات الجريمة، والممارسات اللا أخلاقية نتيجة تردي الوضع المعيشي، مع الإشارة هنا إلى أن فاتورة الأخيرة ستكون فلكية من الناحية المادية البحتة، وأكثر من كارثية من ناحية التنمية البشرية والاجتماعية..!.

فهل من بصير يتبصر المستقبل وينسف كل آليات التعاطي البالية مع المواطن..؟!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com