ولنا في تجربة توطين مصانع السيارات الكثير من العٍٍبر..مشاريع بعشرات المليارات ذات أثر بعيد..!.

261

شارع المال|

بين أثر “المليار” و”التريليون”.. تكمن العبرة..!.

تتالت الأخبار مؤخراً عن منح إجازات استثمار لمشاريع استراتيجية، منها ما هو استثنائي كمشروع صناعة الشواحن بأنواعها، والتابلت، ووصلات الشحن، ونقل البيانات، ومكبرات الصوت (السبيكر)، والباوربانك، ووحدات التغذية بأنواعها، والأنفرتر، بتكلفة تصل إلى 17.5 مليار ليرة، ومنها ما هو نوعي كإنشاء مصنع لصناعة الحفارات ومعدات الحفر بكلفة تقديرية 4.626 مليارات ليرة..!

بكل تأكيد، نحن لسنا ضد توسيع رقعة الاستثمار وانعكاسات ذلك على تعزيز البنية الإنتاجية، لكن هل نستطيع المنافسة بمثل هذه الصناعات، سواء في السوق المحلية، أم في الأسواق الخارجية في حال تصديرها..؟!

طرحنا هذا ليس من باب التشاؤم، ولا من باب وضع العصي بالعجلات، وإنما من باب ضرورة تقدير إمكانياتنا ومحاولة استنهاضها بالشكل الأمثل. بمعنى أن سورية قادرة على المنافسة بالكثير من المنتجات والسلع التي لا تزال تنتج بطرق تقليدية بعيدة عن المكننة الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة، وبالتالي فالأولى تطوير هذه المنتجات لمستويات تمكنها من منافسة نظيراتها العالمية..!

إذا ما أردنا المنطقية والتوضيح أكثر – وليس التقليل من شأن ما تم ذكره من استثمارات – نسأل ذوي الشأن والاختصاص: هل بإمكان معمل حفارات ناشئ منافسة نظير له في ألمانيا، أو أية دولة أخرى؟ أليس الأجدى ضخ مثل هذه المليارات في مشاريع نحن قادرون على المنافسة فيها، أو تطوير ما هو قائم لرفع منسوب منافستها؟ ألسنا قادرين على المنافسة بمنتجات زراعية غذائية تحقق إيرادات بالقطع على وجه السرعة، إذا ما تم توجيه البوصلة الاستثمارية نحوها؟

نطرح هذا الطرح ونستشهد بصناعة السيارات التي حاولت الحكومة توطينها من خلال السماح بإنشاء صالات للتجميع كخطوة أولى، على أن يتبعها أخرى لاحقة تحقق قيماً مضافة محلية على عمليات التجميع بنسبة تصل إلى 40% (دهان – زجاج – فرش.. إلخ)، إلا أن ما حصل هو استسهال كبار المستثمرين لهذه الصناعة واستغلالها لتمرير صفقاتهم المربحة لهم من خلال استمرارهم باستيراد قطع التبديل دون أية إضافات محلية، لتتخذ الحكومة قراراً بإيقاف استيراد مكونات تجميع السيارات لسنوات عدة، وتعود وتتخذ قراراً آخر بهذا الخصوص لا يزال غير واضح المعالم..!

نعتقد أن أثر ضخ مليار ليرة في رفع سوية صناعة ما قائمة لدينا، أو زيادة إنتاج محصول زراعي ما، سرعان ما يظهر. أما ضخ تريليون ليرة لإحداث صناعة جديدة من عيار ثقيل فلن يظهر إلا على المدى البعيد أو المتوسط، في أحسن الأحوال، هذا إن ظهر فعلياً. فلماذا تضييع الوقت في مثل هكذا استثمارات في هذه المرحلة التي لا تحتمل التجريب؟ ألا يمكن تأجيلها ريثما يستقر الوضع الاقتصادي؟!

هامش: بلغ عدد المشروعات الاستثمارية الحاصلة على إجازة استثمار، وفق أحكام القانون 18 للعام الجاري، 32 مشروعاً بكلفة تقديرية 1.357 تريليون ليرة سورية، وتؤمن 2875 فرصة عمل…!.

hasanla@yahoo.com

صحيفة البعث