الجانب المظلم من الشوكولاتة.. إزالة الغابات وعمالة الأطفال..!.

243

شارع المال|

قد تكون الشوكولاته هي الحلوى الأكثر شعبية في العالم، بل ويُحتفل بها في يوم خاص أيضاً، إنه اليوم العالمي للشوكلاته في 7 يوليو/تموز، وهو اليوم الذي وصلت فيه الشوكولاتة إلى أوروبا للمرة الأولى عام 1550.

يبدو أن الناس في أنحاء العالم يجدون للشوكولاته طعما لا يقاوم، إذا يصل وزن ما نلتهمه منها سنوياً إلى أكثر من سبعة ملايين طن. أي بمعدل كيلوغرام لكل شخص على وجه الأرض.

لكن هذا الولع بالشوكولاته له آثار جانبية سيئة، كما أشار عدد من الأفلام الوثائقية، ومنها فيلم “الجانب المظلم من الشوكولاتة” إنتاج عام 2010.

ولطالما تعرضت صناعة الشوكولاته لضغوط لمعالجة قضايا أخلاقية وأخرى متعلقة بالاستدامة، مثل إزالة الغابات، وعمالة الأطفال واستخدامهم في قطاف حبوب الكاكاو، التي تصنع منها هذه الحلوى اللذيذة.

واحدة من المشاكل الرئيسية التي تواجهها صناعة الشوكولاته هي أن حبوب الكاكاو، المادة الخام لصنع الشوكولاتة، ليست متوفرة بكثرة على الإطلاق.

تعتبر أشجار الكاكاو حساسة للغاية، وتحتاج لكي تنمو إلى أمطار غزيرة ودرجات حرارة عالية، بالإضافة إلى وجود غطاء حرجي لحمايتها من الضوء والرياح. ولهذا السبب فإن قلة فقط من الدول تتوفر فيها هذه الشروط.

وتوجد دولتان فقط من دول غرب أفريقيا، هما ساحل العاج وغانا، مسؤولتان عن إنتاج ما يقرب من 52 في المئة من محصول حبوب الكاكاو في جميع أنحاء العالم، وفقا لأرقام منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).

وهناك دول أخرى من المنطقة، مثل نيجيريا والكاميرون، تساهم في رفع حصة أفريقيا من إنتاج الكاكاو لتصل إلى نحو 69 في المئة من محصول هذه الحبوب في العالم.

يشكل التغير المناخي مصدر قلق كبير، ومن المتوقع أن يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نوبات الجفاف في غرب أفريقيا، وهي أخبار سيئة بانسبة لمزارعي الكاكاو.

وتتمثل المشكلة الأخرى في إزالة الغابات، والمنتجون لا يتردون غالبا من تطهير مناطق من الغابات لزراعة أشجار جديدة.

ويقول دعاة حماية البيئة: إن زراعة الكاكاو هي أحد الأسباب الرئيسية وراء معدل إزالة الغابات المرتفع للغاية في ساحل العاج. وتظهر أرقام البنك الدولي أن البلاد فقدت 80 في المئة من غطائها الحرجي خلال الخمسين عاما الماضية، وهو أحد أعلى معدلات إزالة الغابات في العالم.

ولا تزال الغابات في ساحل العاج تحت التهديد، وقد قالت مجموعة “مايتي إيرث لحماية البيئة”، ومقرها الولايات المتحدة، والتي ترسم خرائط إزالة الغابات بمساعدة بيانات الأقمار الصناعية: إن الدولة الأفريقية شهدت اختفاء غابات مساحتها 470 كيلومترا مربعا في عام 2020 وحده.

لكن هناك ارتباط وثيق بين إزالة الغابات وتغير المناخ، الذي يهدد على المدى الطويل مصادر عيش نفس المزارعين الذين يزيلون الغابات.

ويعتقد الدكتور مايكل أوديجي، الباحث في جامعة كلية لندن والمتخصص في صناعة الكاكاو في أفريقيا، أن الاقتصادات البسيطة هي التي تقود هذه الحلقة المفرغة.

ويوضح دكتور أوديجي لبي بي سي قائلاً: “هناك تكلفة بيئية ضخمة مرتبطة بزراعة الكاكاو. ولسوء الحظ، يبدو أنها ستستمر، وهذا لأن تكلفة إنتاج الكاكاو في أراضي الغابات (الغابات العذراء) أقل منها في الأراضي العشبية، كما أن أسعار الكاكاو منخفضة جداً بالنسبة لكلفة الإنتاج المستدام”.

لكن الشركات العاملة في صناعة الشوكولاتة تقول إنها تتخذ خطوات لتنظيف نتائج عملها.

وتقول شركة مارس العملاقة، ومقرها الولايات المتحدة، وهي أكبر بائع للشوكولاته في العالم إنها اتخذت خطوات لجعل سلسلة إمداد الكاكاو أكثر استدامة، والتي تشمل استخدام الكاكاو “الذي لم يدخل على الإطلاق في إزالة الغابات” بحلول عام 2025.

وقالت الشركة في بيان لها: إن “الكاكاو القادم من مصادر غير مشروعة، ليس له مكان في سلسلة توريد مارس”.

وأشارت مارس أيضا إلى أنها جزء من مبادرة الكاكاو والغابات، وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص وحكومتي ساحل العاج وغانا، وتهدف إلى إنهاء عمليات إزالة الغابات واستعادة مناطق الغابات في البلدين.

هناك أدلة على تشغيل الأطفال (والبالغين) في ظروف مماثلة للعمل بالسخرة في زراعة الكاكاو. وفي وقت مبكر من عام 1998، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إن الأطفال من الدول المجاورة يتم تهريبهم بشكل منهجي إلى ساحل العاج للعمل في مزارع الكاكاو.

ولا تزال هذه الممارسة مستمرة، وفقا للمنظمة الدولية المناهضة للعبودية، وهي منظمة غير حكومية مقرها المملكة المتحدة.

وتقول جيسيكا تورنر، المتحدثة باسم المنظمة الدولية المناهضة للعبودية: “تشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 30 ألف بالغ وطفل يعملون في ظروف العمل بالسخرة في قطاع الكاكاو في جميع أنحاء العالم”.

لكن الاستخدام الأوسع لعمالة الأطفال هو قضية أخرى. ويشير المصطلح إلى العمل الذي، وفقا لمنظمة العمل الدولية، “يحرم الأطفال من طفولتهم”، والذي يشمل التعارض مع التعليم والعمل في ظروف مضرة أو خطيرة.

وفي عام 2020، وجدت دراسة أجرتها جامعة شيكاغو أن طفلين من كل خمسة أطفال يعيشون في مناطق زراعة الكاكاو في ساحل العاج وغانا، منخرطان في أعمال مصنفة على أنها خطرة ، متل الأنشطة التي تتضمن استخدام أدوات حادة، أو النوبات الليلية أو التعرض للمواد الكيماوية المستخدمة في الزراعة.

وتعهدت صناعة الشوكولاتة، منذ عام 2001، بإنهاء عمالة الأطفال في إنتاج الكاكاو، كجزء من اتفاقية دولية تحمل اسم بروتوكول هاركين-إنجل. لكنها تجاوزت موعدا نهائيا لتخفيض عمالة الأطفال بنسبة 70 في المئة في ساحل العاج وغانا كان من المفترض تحقيقه بحلول عام 2020.

وأقرت المؤسسة العالمية للكاكاو، وهي منظمة تشكل مظلة لبعض أكبر اللاعبين في العالم في صناعة الشوكولاته، بوجود قضية عمالة الأطفال، وأشارت إلى تقديرات تقول إنه في ساحل العاج وغانا فقط هناك 1.6 مليون طفل يعملون في زراعة الكاكاو.

وتقول المؤسسة العالمية للكاكاو على موقعها على الإنترنت إنها “لا تتسامح مطلقا مع أي حالات من العمل القسري أو العبودية الحديثة أو الاتجار بالبشر في سلسلة التوريد”.

وتقول المنظمة أيضا إنها ملتزمة “بالقضاء على عمالة الأطفال في إنتاج الكاكاو” من خلال تكثيف الاستثمارات في برامج التنمية الاجتماعية لمعالجة هذه المشكلة، كما تقول إن الميزانية المخصصة لهذه البرامج في عام 2019 وحده، كانت أكبرمنها خلال كامل الفترة بين 2001-2018.

وفقاً لنشطاء وحتى بعض الأصوات في صناعة الشوكولاته، نحن لا نفعل ذلك، فما ندفعه ليس بالثمن العادل.

تقول إنكوتا، وهي منظمة غير حكومية مقرها ألمانيا وتدير حملة توعية تحت شعار “ميك تشوكليت فير” أي “اجعل الشكولا عادلة”، إن الأسعار المدفوعة لمنتجي الكاكاو تغذي المشاكل التي تواجه صناعة الشوكولاته.

وتقول إيفلين بان، مستشارة حقوق الإنسان في إنكوتا: “إن مزارعي الكاكاو يعانون من فقر شديد، وهذا مرتبط بشكل مباشر بقضايا مثل عمالة الأطفال وإزالة الغابات”.

وفي عام 2020، قدر خبراء التجارة العادلة أن متوسط دخل مزارع الكاكاو 0.90 دولار في اليوم، وهو أقل من عتبة الفقر المدقع التي حددها البنك الدولي بـ 1.90 دولار.

ويقول الدكتور مايكل أوديجي “الفقر وكل الممارسات في العمل الناجمة عنه، ترجع أساسا إلى السعر المنخفض الذي يدفع لمزارعي الكاكاو”.

وتعتقد منظمات مثل إنكوتا ومؤسسة التجارة العادلة أنه يجب رفع أسعار السوق لحبوب الكاكاو من أجل معالجة هذا الوضع، وقد تعهدت بعض الشركات المنتجة للشوكولاته علنا برفع الأسعار التي تقدمها للمزارعين.

وأحد الأمثلة على ذلك هي تونيز تشوكولوني، وهي شركة هولندية بدأت كمنصة ناشطة ضد العمل بالسخرة في صناعة الشوكولاته، وهي حاليا العلامة التجارية الأكثر مبيعا للشوكولاته في البلاد.

ويقول بن غرينسميث، المدير العام للشركة في المملكة المتحدة: “الهدف من وجودنا هو جعل الشوكولاته خالية من عمالة الأطفال والسخرة. كما أن دفع سعر عادل للكاكاو هو مبدأ رئيسي”.

ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن المشترين سينتهي بهم الأمر إلى دفع سعر أعلى بكثير مقابل الشوكولاته اللذيذة. إذ تقدر إنكوتا أن سعر لوح الشوكولاتة الذي وزنه 100غرام سيرتفع بأقل من 0.20 دولار، إذا تم دفع لمزارعي الكاكو أجور تكفل لهم المعيشة مقابل إنتاجهم.

وتقول إيفلين بان، مستشارة حقوق الإنسان في إنكوتا “هذه ليست زيادة ضخمة حقا، لكنها ستحدث فرقا كبيرا في حياة مزارعي الكاكاو”.

المصدر: بي بي سي