انعدام الخيارات بحوامل الطاقة يجعل من الماء بديلاً للمازوت والغاز في “السوق السوداء” وخسائر بمئات الآلاف!

انعدام الخيارات بحوامل الطاقة يجعل من الماء بديلاً للمازوت والغاز في "السوق السوداء" وخسائر بمئات الآلاف!

182

شارع المال|

كثرت التصريحات والتحليلات والمطالبات والانتقادات الموجهة للجهات المعنية حول عدم قدرتها على ضبط أو استئصال “السوق السوداء” من جذورها، لاسيّما وأن طغيانها بدأ يلتهم الأخضر واليابس وسط تصريحات وقرارات اعتباطية لا تمت للواقع بصلة، إذ لم يطرأ أي تغيير على الواقع الصناعي والإنتاجي والحرفي والمعيشي على حد سواء مع القرار الأخير بالتزام الشركات الموردة للمشتقات النفطية ببيع المحروقات التي تستوردها للفعاليات الاقتصادية بسعر أقل من سعر السوق السوداء، بل على العكس باتت عبوات المحروقات تُباع علناً على أرصفة الطرقات في وضح النهار دون إجراء يذكر لضبطها، فمع انتشار صور هذه العبوات وتحديد أماكن تواجدها وسعرها الذي تجاوز الـ10 آلاف ليرة للتر الواحد من مادة المازوت كانت تصريحات حماة المستهلك تغرّد في واد ثان بعيداً كل البعد عن مراعاة شح حوامل الطاقة وازدياد الطلب إثر وصلونا إلى أشهر البرد القارس من دون توزيع مازوت التدفئة على ربع المواطنين، وتركهم طُعماً سهلاً لمافيات السوق السوداء الذين لم يكتفوا ببيع المادة بأرقام فلكية، بل بات الغش والتلاعب بالمادة وبوزنها دون حسيب أو رقيب صفة أساسية لعملهم اليوم.

نصب واحتيال!

ففي الوقت الذي لم يصل دعم الجهات المعنية إلى أغلب منازل المواطنين كانت السوق السوداء تشرع أبوابها أمام المضطرين على الشراء لتدفئة أطفالهم وعجائزهم، ليقع الغالبية العظمى منهم ضحية التلاعب والغش بالمادة، خاصّة مع امتلاء صفحات التواصل الاجتماعي بإعلانات عن وجود المازوت والغاز بأسعار تقل بألف أو ألفي ليرة عن السعر العام في هذه السوق بغية جذب الراغبين المحتاجين بشكل أكبر، وفي الوقت نفسه الحصول على ربح سريع بغش كبير طال العديد من الأسر الذين تقدموا بشكاوى لشرائهم “بيدونات” على أساس أنها تحوي المازوت في حين تم تعبئتها بالماء مع وضع لتر من المازوت فيها، مؤكدين أن عملية البيع تمت عبر هذه الصفحات بحيث يقترح البائع مكاناً بعيد عن الازدحام وتوقيت مسائي لاستلام المادة وبزمن قياسي لا يتجاوز الدقائق بحيث لا يُتاح للشاري فحص “البيدونات” جيداً، وبعد عملية البيع يتم حرق الرقم الذي تم التواصل معه وتهكير الاسم المُستعار، ولم يختلف الأمر كثيراً عن شراء عبوات الغاز السائل والتي تعرض كثير من المواطنين للنصب والاحتيال نتيجة شرائها عبر هذه الصفحات واكتشافهم بعد فوات الأوان غش هذه العبوات، مع تحفظهم عن التقدم بشكوى للجهات المعنية خوفاً من التعرض للمساءلة والعقوبة.

دفن السوق السوداء!

وبعيداً عن محاولات ضبط هذه السوق التي باءت بالفشل لأسباب مجهولة استنكر الخبير الاقتصادي عامر شهدا عدم ما يمسى بضبط السوق سوداء، في الوقت الذي يجب على الحكومة محاربة هذه السوق من خلال توفير المادة بكميات كبيرة لجميع المواطنين عند الطلب وفي حال وصولنا لهذه المرحلة سيتم دفن هذه السوق، لكن ما يجري اليوم هو تجاهل حقيقي لقوانين السرقة والتهريب والهرّب من تطبيقها عن طريق اختصار القانون بقرار غير مدروس وغير قابل للتطبيق على أرض الواقع، مؤكداً أن اغلب المازوت المطروح عبر هذه الصفحات الوهمية مغشوش كونه غير خاضع لمخابر الحكومة وبالتالي يجب ملاحقة أصحاب هذه الصفحات.

غياب الشكوى!

خلال تواصلنا مع الضابطة التموينية في ريف دمشق كون أغلب عمليات النصب والاحتيال تقع في الأرياف، أكد لنا ماهر أبو بكر رئيس الضابطة عدم ورود شكاوى إلى المديرية بهذا الخصوص كون أغلب عمليات النصب تتم عبر صفحات التواصل الإجتماعي الوهمية، لكن في حين يتم الإبلاغ عن شخص يتاجر بمحروقات مغشوشة وثبت الجرم عليه يتم ضبطه ومصادرة المادة وإحالته للقضاء، أما الشخص الذي يتقدّم ببلاغ فلا عقوبة عليه في حال تم شراء المادة لغرض التدفئة أما في حال كان شراء المادة بغرض الإتجار بها و السمسرة فيتعرض للمخالفة والعقوبة أيضاً.

البعث – ميس بركات