وتمخض مصرف التوفير فولد قرضاً عقارياً..!

335

شارع المال|

يبدو أن العقلية الاقراضية لبعض المصارف العامة في سورية تأبى أن تكون عامل استقرار نقدي، أو ركيزة أساسية من ركائز النمو الاقتصادي، فالشهية لتحقيق الأرباح تحت عناوين براقة (مثل: ضرورة تنويع المحفظة الائتمانية)، تدفع هذه المصارف إلى نفس الحفرة على مدار العقود، وهي حفرة القروض العقارية، ذلك القطاع الذي أضحى نتيجة للسياسات الاستثمارية غير المتزنة وغير الهادفة (طبعا أنا افترض وجود سياسات استثمارية) مآل جميع أموال السوريين البيضاء والسوداء، ليختلط فيه الحابل بالنابل، وليصبح جراء العوامل المؤثرة فيه، حكراً على أصحاب الثروات وأصحاب الدخول العظيمة القادرة على تسديد أقساط القروض المصممة لهم بكل تأكيد، والتي لا تحاكي ولا تقترب من حلم موظف بسيط براتب أبسط، إنما للأمانة تدغدغ مشاعره المحبطة قليلا وتمنحه بسمة على شفتيه لمدة دقيقتين قبل أن (يفيق)…!.

ماذا يعني أن أطرح قرضاً عقارياً بسقف 100 مليون ليرة؟

يعني ببساطة ما يلي:

1_ كتلة مالية ضخمة اضافية توجه لقطاع متضخم أصلا وهو قطاع عقيم مهما زين الحديث عن نسله (المتعيشين منه من كافة الورش) فهو عقيم اقتصادياً وجميع الدخول المتأتية عن طريقه تذهب استهلاكاً فقط، وهذا يعني كتلة مالية تزيد من الطلب عليه في حدود معينة نحن بغنى عنها، وما يعني ذلك من إمكان ارتفاع جديد بالاسعار.

2_ من المستفيد من هذه القروض، هل هم ذوي الدخل المحدود الذين هم أنفسهم مستغربين بقاؤهم على قيد الحياة، والذين هم أنفسهم من يفترض أن هذا المصرف لهم، بالتأكيد من الواضح من يستطيع أن يدفع قسطاً شهرياً بواقع مليون ليرة مثلاً ولا داعي للتنذر والتحزر… وهنا السؤال، ألا يمكن لمصرف التوفير أن يوجه قروضه للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وللمشاريع الإنتاجية التي قد يفكر ويبدأ بها ذو دخل محدود، والتي يكثر الكلام النظري عنها حكومياً، أم أنه غير معني بذلك، وكل مصرف يقرض على ليلاه، أو أن ذو الدخل المحدود محكوم عليه بواقعه الرائع؟…طيب انسوا الموضوع، خلونا نرجع لقصة ضبط السيولة وتجفيف النقد المتبع من المصرف المركزي والذي ربما ساهم بضبط سعر الصرف حالياً، أليس هكذا قرار أسطوري يتضارب مع توجه المركزي..؟ طبعا لن أناقش هنا صحة ودوام استراتيجية المركزي لأنه بحث طويل.ما يدعوني للأسف دائما هو غياب الاستراتيجية وغياب التخطيط، وبعد كل ذلك، يكون الاستغراب والمفاجأة من النتائج

د. علي محمد