مزادات المالية لا تغطي سوى 14.5٪ من حجم العجز للعام 2022!!

187

شارع المال|

بعد صدور نتائج المزاد الثالث لسندات الخزينة، تكون وزارة المالية قد نفذت كامل خطتها  لهذا العام التي أعلنت عنها بقيمة 600 مليار ليرة سورية، لكن إلى أي حدٍ  استطاعت هذه المزادات توفير السيولة والحد من العجز وارتفاعات سعر الصرف؟

في الوقت الذي أشار فيه المصرفي الدكتور علي محمد إلى أن هذه الخطوة ليست بجديدة على السوق السورية -إذ بدأت منذ العام 2010- بيّن أنها لم تحقق الهدف المنشود منها، وذلك لعدم انتظامها خلال فترة الحر.ب من جهة، ولعدم جدواها للمكتتبين من جهة ثانية سواء كانوا مصارف خاصة وعامة، أم أفراد طبيعيين واعتبارين، مشيراً إلى أن معدلات التضخم في سورية خلال سنوات الحرب جعلت من أسعار الفائدة الممنوحة على سندات الخزينة وعلى الودائع المصرفية ليست بالمحفز المالي، مع اختلاف طبيعة كل منهما.

وأضاف محمد أنه في ظل ما يشهده الاقتصاد السوري من ارتفاع معدلات التضخم وتراجع المؤشرات الاقتصادية، يجب مقارنة أحجام هذه المزادات ونسبتها لكل من “حجم الموازنة، وحجم العجز، وحجم العرض النقدي”، مبيناً أن اعتمادات الموازنة العامة للدولة للعام 2022 بلغت مبلغاً قدره 13325 مليار ليرة سورية، وسيتم تغطية نفقات الموازنة عن طريق الإيرادات العامة المقدرة بـ9200 مليار ليرة، مقسمة إلى 4400 مليار إيرادات جارية، و4800 مليار إيرادات استثمارية، وهي عبارة عن فوائض القطاع العام الاقتصادي، أما المبلغ المتبقي هو عبارة عن عجز مقدر يبلغ 4118 مليار ليرة سيتم تغطيته عن طريق الاقتراض من سندات خزينة الدولة بقيمة 600 مليار ليرة، وحوالي 500 مليون من موارد خارجية، وسيتم تغطية ما تبقى من المبلغ عن طريق المصرف المركزي من خلال الاصدار النقدي أو ما يعرف بالتمويل بالعجز.

وبناء عليه يقول محمد: إنه وفي حال تم الاكتتاب بكافة هذه الاصدارات وفق المخطط لها، فلن تغطي سوى 14.5٪ من حجم العجز للعام 2022، وبالتالي فالأثر سيكون محدود جداً لطبيعة العجز المقدر من ناحية، ولتراكم العجز خلال السنوات الماضية من ناحية أخرى!

وأضاف محمد: أما التهويل بأن سندات الخزينة الحالية ستدفع الاقتصاد ومؤشراته قُدماً فهو كلام غير دقيق تبعاً للأرقام آنفة الذكر ولطبيعة الظرف الاقتصادي الذي يمر به البلد، مشيراً بذات الوقة إلى انعدام أي أثر لهذه المزادات على سعر الصرف، وإن وجد فهو ضعيف!!

ولم يخف محمد أن طرح سندات الخزينة للتداول في سوق دمشق المالي يعزز من الاتجاه النقدي الاقتصادي الصحيح الذي ينعكس على العديد من المؤشرات الاقتصادية، وذلك لكون هذه السندات تمتاز بأنها أكثر قابلية للتسييل دون انتظار تاريخ استحقاقها، وتسهم في تأمين السيولة النقدية لصاحب الورقة بما يتناسب مع المدة الباقية من عمرها، وهذا بدوره يشجع أصحاب الادخارات على شراء السندات والاستثمار بها طالما لديهم سيولة فائضة، وعند حاجتهم للسيولة يصبح بمقدورهم بيعها في الحال وتوجيه أموالهم الوجهة التي يرتؤنها.

وأشار أن سندات الخزينة تعتبر الأداة المالية الأكثر نجاعة في الاقتصاد الوطني لأية دولة على خلاف التمويل بالعجز (الإصدار النقدي من المصرف المركزي) وما له من آثار تضخمية، كونها -أي السندات- تسهم في امتصاص فائض السيولة من الكتلة النقدية المتداولة من جهة، ليتم توظيفها في مناحي استثمارية تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني من جهة أخرى، بالتوازي مع مساهمتها في تخفيض حجم التمويل بالعجز.

لكن في المقابل من الضروري الأخذ بالاعتبار أن تراكم الدين العام (سندات الخزينة) عاماً تلو الآخر، فهو مؤشر مالي يتوجب متابعته بدقة لعدم السماح له لتجاوز النسب الاقتصادية المتعارف عليها، وهو ما يعبر عنه بنسبة استدامة الدين العام.

صاحبة الجلالة