في مشهد يستفز الشريحة الأكثر حاجة…موائد رمضان تتحول إلى استعراض لترف رجال المال والأعمال..!.

694

كتب حسن النابلسي

في الوقت الذي لا ننكر فيه حق الإنسان بالتمتع بماله خاصة إن كان مشروعاً ولا تشوبه شائبة..!.

وفي الوقت الذي لا ننكر فيه أيضاً حق صاحب المال بأن يولم لكل من يحب ويرغب من أصدقائه وزملائه لاسيما في هذا الشهر المبارك..!.

فإننا نستنكر يتسابق بعض رجال الأعمال بإقامة ولائم الإفطار في شهر رمضان المبارك ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة تعكس مدى استعراضهم لحالة الترف التي يعيشونها في ظل اتساع دائرة محدودي الدخل..!

ولعل المفارقة في هذا السياق تتمثل بأن ما تم توجيهه خلال الفترة القليلة الماضية من دعوات غير مباشرة من قبل بعض الجهات الحكومية للمواطن -وأحياناً مباشرة- للابتعاد عن الترف وحُسن إدارة الأمور الحياتية اليومية بما يتواءم مع هذا الوضع الاستثنائي المستجد، علماً أن المواطن بحال طبيعته هو بعيد عن هذا الترف، نلحظ أن أصحاب الأموال وخاصة حديثي النعمة منهم بمنأى عن هذه الدعوات..!

فمع تسليمنا بالواقع الاستثنائي الذي نعيشه وإدراكنا لأسبابه ومسبباته، ومع اعتبار أننا نندرج تحت مسمى “المواطن البسيط”، نبين لمن يتبجح ويعطينا المواعظ بركل “الترف” بقصد التزلف والدفاع عن بعض الجهات الحكومية وغير الحكومية، أن يوجه رسالته هذه إلى الطبقة المخملية ولاسيما الدخلاء الجدد إليها من بوابة الأزمة، الذي يصطلح عليهم بـ”تجار الحروب”..!.

فهذه الطبقة “المترفة حديثاً” هي من يتوجب عليها الابتعاد عن البذخ عبر إقامة الولائم والحفلات بمناسبة وبدون مناسبة، في صالات الفنادق والمطاعم المرصعة بالنجوم، بقصد التباهي والتسابق لحصد أكبر قدر ممكن من إعجابات المدعوين من زملائهم، وحسرات المتابعين لأخبارهم عن بعد عبر مواقع التواصل الاجتماعي..!.

فإذا ما أردنا بالفعل التكيف مع الواقع الحالي بإلإطار العام وفق مبدأ التوظيف العادل للموارد المتاحة لتلبية الاحتياج العام، بالتوازي مع التوجه الحكومي بتخفيض استهلاك الوقود في المؤسسات الحكومية، وتقنين استخدامه لدى العامة، فلابد من التوجه نحو تخفيض مخصصات المنشآت السياحية من حوامل الطاقة خاصة تلك المفرطة بتقديم خدمات مترفة، بحيث تقدم هذه المنشآت خدماتها الضرورية بالحد الأدنى، فبذلك يتحقق وفراً بالوقود -نعتقد أنه ليس بالقليل- يمكن توزيعه على من هو أكثر حاجة له، ونخفف حدة استفزاز مشاعر المحرومين من عامة الشعب، المتولدة من السهرات العامرة لأولئك المترفين في الفنادق والملاهي الليلية..!.

يضاف إلى ما سبق أيضاً تخفيض عدد سيارات المسؤولين الحكوميين والاكتفاء بسيارة واحدة فقط لكل مسؤول، وهذا أيضاً لا يخفف وحسب من “حالة الاستفزاز” الموما إليها أنفاً، بل ربما يستميل تعاطف الناس مع الحكومة ويعزز الثقة بها..!.

هذا غيض من فيض ما يمكن العمل به في أصعب مراحل الأزمة، وخطوة نعتقد أنها على غاية كبيرة من الأهمية باتجاه “التقشف العام والعادل” لا أن ينحصر الأمر بفئة من المستضعفين، ليبقى التنعم علامة حصرية ومسجلة لطبقة بعينها..!.