شارع المال.
بين وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل الأثر الإيجابي للقرار 944 الخاص بمؤونات الاستيراد على المستوى الاقتصادي العام، ولعل أولى تلك الإيجابيات معرفة من هم المستوردون الحقيقيون، ومن هم الوهميون، منوهاً إلى أن عدداً كبيراً من التجار لا يستوردون بأسمائهم الحقيقية، كي لا يحملون أي مخاطر، والتزامات، وإنما بأسماء موظفين لديهم أو أقارب.. إلخ، وهذا أمر خاطئ، أما بعد تطبيق القرار 944 فأصبح التاجر مضطراً أن يستورد باسمه الصريح، لأنه أصبحت هناك حسابات مصرفية، ومؤونات سوف تجمد فيها، بنفس اسم صاحب الإجازة، وهذا ما لا يرغب به بعض التجار.
أما عن حاجة الأمر لرساميل كبيرة، فسأل الخليل: «كيف يمكن لمستورد أن يطلب إجازة استيراد وليس له حساب مصرفي بالليرة السورية يغطي جزءاً منها على الأقل؟».
وبين الخليل أن العدد الأكبر من المستوردين هم أصحاب الإجازات قليلة القيمة أي دون 100 ألف دولار، وبالتالي فإن قيمة المؤونة فعلياً يفترض ألا تشكل عبئاً على تاجر مستورد.
كما لفت إلى أن النسبة الحقيقية للمؤونة أقل من المعلنة في القرار، نظراً لأن سعر الصرف المعتمد في المؤونة هو سعر الصرف الرسمي الصادر عن مصرف سورية المركزي (435 ليرة للدولار) بينما السعر في السوق أعلى من ذلك، وبالتالي من المفترض ألا يشكل ذلك عبئاً على أي تاجر مستورد.
من جانب آخر، أكد الخليل أن الأثر المالي للقرار مهم جداً، لكونه مرتبطاً بالضرائب والرسوم، ومعرفة الحجم الحقيقي لأعمال التجار المستوردين، أما الأثر النقدي فهو الأكثر أهمية، نظراً لكونه يزيد الطلب على الليرة السورية، من خلال لجوء من ليس له حساب مصرفي يغطي المؤونة بتصريف الدولار في السوق للحصول على الليرة لتأمين المؤونات، كما يسهم في دعم «المصرف» العمل التجاري، وجعله يسير في الأقنية المصرفية.
أما عن دور القرار في رفع الأسعار، بين الخليل أنه في حال ارتفاع سعر صرف الليرة السورية في السوق، فإن نسبة انعكاس ذلك على أسعار السلع يفترض أن تكون ضعيفة، ومرتبطة بنسبة المؤونة الفعلية، وهذا بدوره غير وارد واقعياً، نظراً لكون التجار يتحوطون مقابل تقلبات سعر الصرف، ويقيمون أسعار السلع بدولار أعلى من السوق، وبالتالي فإن ربط رفع الأسعار بالقرار 944 غير مسوّغ، والصحيح ربطها بتغيرات سعر الصرف ونسب التحوط التي يعتمدها التجار.
ولفت إلى أن موضوع المؤونات ليس جديداً، بل طبق بنسبة 25 بالمئة سابقاً، كما أن العديد من الدول تطبقه، وبنسب أعلى من المتضمنة في القرار 944، منوهاً إلى أن القرار في النهاية يهدف إلى تنظيم عملية الاستيراد بشكل أكبر، وتحديد من يستورد بشكل حقيقي ومباشر وباسمه الحقيقي، ومن هم غير ذلك، وقال: «لو تمت مقارنة سلبيات القرار 944 وإيجابياته، فسوف تكون الإيجابيات أعلى بكثير من السلبيات، وقد تمت دراسة القرار بدقة، من جميع الاتجاهات، التجارية والمالية والنقدية ولجهة الأسعار والسياسة الاقتصادية بشكل عام».
وفيما يتعلق بما تناقلته بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي مؤخراً، بأنه قال تحت قبة مجلس الشعب إن «الاقتصاد يتحسن، لكن المواطن لا يشعر بذلك»، فأجاب الخليل مبتسماً: إن كان الأمر بهدف جمع اللايكات فأنا لا أمانع أبداً، لكن في الواقع هذا الكلام لم يقال، ولم يرد على لساني إطلاقاً، وتم تداول هذه العبارة دون العودة إلى ما صرحت فيه تحت القبة.
وأكد الخليل أن ما قاله في مجلس الشعب موثق بالصوت والصورة، ولم ترد على لسانه أبداً عبارة «أن الاقتصاد يتحسن والمواطن لا يشعر به»، وما قاله: إن «تحققت زيادة الرواتب، وفي الوقت نفسه أصبحت هناك حملة ضدها، وحملة في الأسعار، بشكل كامل، لتكون هناك حالة من التوتر الاقتصادي عالي المستوى، بحيث يؤثر في تفكير كافة المواطنين، بما فيهم الصناعيون والتجار، وبالعودة إلى الحملة نجد نشاطاً كبيراً في بعض وسائل الإعلام والمواقع والصفحات، علماً بأنه في الواقع لم يحدث تغيير سلبي، بل إيجابي».
وأضاف: «في الواقع، نحن أمام وضع اقتصادي يتحسن تدريجياً، وجاءت زيادة في الرواتب، وبدل أن نشاهد تحسناً، شاهدنا هجمة، وبلحظة واحدة كان سعر صرف الليرة السورية يرتفع، ما يدل مرة أخرى أن هذا شكل من الحروب، وهو الأخطر على الإطلاق، ويجب ألا ننساق معه، ولا أتحدث تبريراً، وإنما واقع بالأرقام والمؤشرات، وهذا أمر قائم في الأسواق».
الوطن – علي نزار الآغا