أصفار “أوناسيس” و”غيتس” ..!.

672

أصفار “أوناسيس” و”غيتس” ..!.

في خضم الحديث عن الثروة ومغريات الدخول لنادي الأغنياء، تطفو على السطح قصتان فيهما من العبر ما يستحق استخلاصه لمن يعتبر..

فحوى الأولى يتعلق بعملاق النقل البحري في سبعينيات القرن الماضي المليونير اليوناني أوناسيس، الذي اشتهر بين أثرياء العالم بأنه صاحب أكبر ثروة في العالم، والتي كانت تقدر وقتها بحوالي المليار دولار، بالطبع هذا الرقم كان ضخما جدا في ذلك الوقت..!.

كان أوناسيس يعتقد بأنه عبقري تفوق على قوانين هذا العالم بنجاحه في جمع الثروة الاستثنائية، لدرجة أنه فكر في أن يجمد نفسه بعد الموت وكتب وصية بذلك معتقدا أن العلم ربما يصل إلى وسيلة لإحياء الموتي المتجمدين ويبعث فيهم الحياة مرة أخرى، فيعود إلى ثروته الهائلة ليستمر في استثمارها وتنميتها، بحيث تستمر عائلة أوناسيس أكثر العائلات ثراء في العالم حيث كان له أبن وابنه، يعدهم ليكونا أثرى أثرياء العالم…!.

إلا أن حساباته هذه المرة خانته…فأثناء قيادته لطائرته الخاصة حدثت حادثة مات على إثرها ابنه الوريث الأساسي لاسم العائلة والإمبراطور المنتظر، وفقد أوناسيس وريثه الذكر، وبقيت ابنته كريستين، وبعدها بسنوات قليلة مات أوناسيس ورفضت الأسرة تنفيذ وصيته بتجميده، ثم تزوجت ابنته كريستين من رجل مكسيكي وأنجبت منه ابنة، لكن سرعان ما أصابها مرض السرطان، وماتت كريستين على نحو سريع فاختفت أسرة أوناسيس من الوجود وانتقلت الثروة لحفيدته، التي لا تحمل اسمه، ولم يعد أحد ممن يحمل تسمية أوناسيس يملك دولارا واحدا…!.

وتعود أحداث القصة الثانية إلى عام 1990، حيث جمع لقاء تلفزيوني بين مذيع على التليفزيون البريطاني ورجل الأعمال الأمريكي الأشهر بيل غيتس المالك الرئيس في شركة ميكروسوفت، وكانت ثروة بيل غيتس وقتها حوالي 4 مليار دولار، وكان رقما ضخما جدا في ذلك الوقت، وكان يصنف وقتها بأنه أغنى رجل في العالم، وكان هذا الشاب الصغير حديث العالم كله.

سأله المذيع عن إحساسه وهو يعيش بين هذه المليارات، فكانت إجابته في غاية الروعة، بقوله: أنا لا أشعر بها ولا ألمسها، وإنما هي لا تعدو أن تكون مجرد أرقام تتغير في حسابي البنكي…!.

هاتان القصتان موجهتان بالدرجة الأولى لتجار الأزمة الذين يتسابقون لتعظيم أصفار أموالهم بأي وسيلة كانت، جاهلين أو متجاهلين بأن ما يزيد عن حاجتهم  الأساسية من مأكل وملبس ومشرب وغيرها هو مجرد أرقام يتنافسون لاكتنازها على حساب مستحقي الدعم ومسحوقي الدخل..!.

أما بالنسبة لرجال الأعمال الذين لم يغادروا البلد والتي لا تشوب أعمالهم أية شائبة، فبالطبع نحن لسنا ضدهم، ولا نحرم الطموح على أي أحد منهم فهو حق مشروع، وبالنتيجة لكل مجتهد نصيب، لكن فليسمحوا لنا بنصيحة نرجو أخذها بعين الاعتبار،   بأن يضخوا ثرواتهم في أقنية استثمارية حقيقية تعود بالنفع عليهم وعلى المصلحة العامة، ولا ضير أن يكون الهم التنموي والاجتماعي هو البوصلة الفعلية لأعمالهم، وأن يكون جلّ سعيهم منصب على تعاظم مخرجات مشاريعهم عوضاً عن تعاظم أصفار أموالهم..!.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com