الأنظار ترنو إلى منتجات سهل حوران لكسر حدة الأسعار

1٬045

شارع المال|

تلفت انتباهك، وأنت تسلك الطرق الزراعية والعامة في محافظة درعا، حركة المركبات الزراعية التي تنقل مستلزمات العمل استعدادا واستباقا لموسم يتوقع المزارعون هناك أنه سيكون الأفضل خلال العشرين عاما الأخيرة، مدفوعا بموسم مطير (سقى الزرع وروى الضرع)، كما يقول هؤلاء الذين صقلتهم التجارب بخسارات متتالية، لكنها لم تستطع أن تفك ارتباطهم بالأرض، وبعمل لا يتقنون سواه.

في موازاة الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار الخضار والفواكه، وتآكل القوة الشرائية للمستهلكين، لا حل يلوح في الأفق سوى بدء الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ودخول منتجات جديدة تكسر حدة هذه الأسعار، وتحد من تغول الأسواق والحلقات الوسيطة، وهو ما بدت تباشيره مع تزايد كميات الإنتاج المسوقة، حسبما ذكرت أوساط سوق الهال في دمشق، والتي بينت أن ثمة انخفاضا في أسعار بعض الخضار يتراوح بين 10 و15%.

سلة الجنوب..

يؤثر إنتاج سهل حوران الخصيب من الخضار والفواكه في حركة تداول السلع في أسواق هال دمشق والمحافظات الجنوبية، لذا وصفت المنطقة بـ “سلة غذاء الجنوب”. ويمتد مثل هذا التأثير إلى أسواق أخرى، وإن بنسب أقل، لذا كان من الطبيعي أن يسهم في تخفيض الأسعار. ويتوقع مدير زراعة درعا عبد الفتاح الرحال أن تتراوح نسبة هذا الانخفاض، حتى نهاية آيار المقبل، بين 30 و40%، وذلك بعد أن يكون إنتاج أغلب الخضار قد تكامل ودخل مرحلة الذروة.

وستنتهي مشكلة ارتفاع أسعار البطاطا قبل نهاية الشهر الجاري، وفقا لرحال الذي أكد قرب إنتاج البطاطا للعروة الربيعية، لتسلك مسار الكوسا التي بدأت أسعارها بالتراجع بعد بدء الإنتاج من مزارع وادي اليرموك، وكذلك الأمر بالنسبة للفول والثوم والبصل والبازلاء، مبينا أن البندورة المنتجة في تلك المنطقة “الباكورية”، ستنزل إلى الأسواق قبل نهاية آيار؛ ومع بداية الصيف يتكامل نزول تلك المنتجة في مناطق المحافظة المختلفة، والتي تشكل تقريبا نصف الإنتاج المحلي من هذا المحصول الرئيس في غذاء السوريين.

المعوقات نفسها!

“اعتدنا أن نعاني من المعوقات نفسها، وأن نكرر المطالب ذاتها بداية كل موسم”، بهذه الكلمات يعبر المزارعون عن معاناتهم من نقص مستلزمات الإنتاج، سيما الأسمدة الآزوتية وسوبر فوسفات “ترابة”، والنقل والمحروقات، ومن ارتفاع أسعار البذور والأدوية الزراعية وغيرها، علما أن المساحة الصالحة للزراعة تشكل 62% من إجمالي مساحة المحافظة، مع وجود موارد مائية لا بأس بها، علما أن درعا تصدرت، قبل الأزمة، المحافظات في نسبة التحول إلى الري الحديث الذي وصل إلى 90%، وتجري الآن عمليات إصلاح وإعادة تأهيل شبكات الري.

موسم مطير 

يبدي مدير الموارد المائية في المحافظة محمد منير العودة تفاؤلا حيال الموسم الزراعي الجاري، بناء على الموسم المطير الذي ضاعف المعدل السنوي لأغلب مناطق المحافظة، ليبلغ متوسط المعدل بحدود 320 مم، في وقت أسهم تواصل هطول الأمطار بتوفير كميات كبيرة من المياه كانت تخصص لسقاية القمح المروي الذي جرت العادة في المواسم قليلة الأمطار أن يسقى مرتين، في كانون ثان وآذار، ما يوفر مزيدا من المياه للمحاصيل الصيفية.

وتوجد في المحافظة، وفقا للعودة، شبكة سدود سطحية تضمن ريا معقولا للزراعات المختلفة، فهناك 16 سدا، طاقتها التخزينية الإجمالية 92 مليون متر مكعب، ويعد سد الشهيد باسل الأسد في منطقة سحم أكبر هذه السدود بطاقة 20 مليون متر مكعب، ثم الشيخ مسكين 10 ملايين، فسدا تسيل وغدير البستان بسبعة ملايين لكل منهما، إلى جانب السدود والسدات الأخرى (السعة التخزينية للسدة أقل من مليون متر مكعب).

برنامج للاحتياج المائي

أدت زيادة المساحات المروية باضطراد سنوياً، دون الأخذ بالحسبان الموارد المائية المتاحة للزراعة في كل سنة مائية، إلى حدوث عجز مائي في معظم الأحواض، والذي بلغ، خلال عام 2017، حسبما ذكر مدير الموارد الطبيعية في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتور محمد منهل الزعبي، ما يقارب 1.533 مليار م مكعب، وللحد من هذا العجز اتخذت الحكومة مجموعة من السياسات والإجراءات، منها تنمية البحوث العلمية المتخصصة في مجال استعمالات المياه.

وقال الزعبي إن هناك برامج بحثية في 13 محطة مياه وري موزعة على الأحواض المائية والمناطق البيئية المختلفة، مجهزة بمستلزمات تنفيذ البحث والكوادر العلمية، حيث يتضمن البرنامج نتائج الاحتياج المائي الكلي للمحاصيل المختلفة في المناطق كافة، والتي تراكمت من خلال أبحاث محطات البحوث المائية في سورية، خلال 25 عاما، ومن خلال العمل البحثي في هذه المحطات ضمن مرجعية منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو)، ويستخدم هذا البرنامج لحساب كمية المياه اللازمة لنمو النباتات (أشجار، محاصيل، خضار) نمواًجيداً، وبشكل أمثل، وفق المعطيات المتاحة، ودون أي هدر، وذلك باستخدام طريقة الري المناسبة للنبات.

يبقى أن..

يعد القطاع الزراعي قطاعا رئيسا في الاقتصاد الوطني، ومساهما مهما في الناتج الإجمالي المحلي، حيث ارتفعت نسبة هذه المساهمة من 16.5% عام 2011، إلى 24.6% في 2017، بحسب تقديرات المكتب المركزي للإحصاء. ولا تأتي أهمية هذا القطاع من وصفه بالقطاع الضامن للأمن الغذائي وحسب، بل من حجم المساحات المستثمرة في الإنتاج الزراعي، والتي تقدر بنحو ستة ملايين هكتار، كما أن الزراعة هي العمل الرئيس لنسبة كبيرة من قوة العمل السورية.

أحمد العمار

ournamar@yahoo.com