معبئون وليسوا صناعيين..!.

795

معبئون وليسوا صناعيين..!.

إذا ما استذكرنا المعرض الدولي لتجهيزات المعامل وتصنيع وبيع خطوط الإنتاج “برودكس 2019” وما عرضه وقتها من خطوط إنتاج “هزيلة” متخصص أغلبها بأعمال التعبئة والتغليف لـ”البسكويت – السكاكر- ظروف الشامبو” وفي أحسن الأحوال آلات للخياطة والحياكة، وأخرى لتصنيع لأقراص بعض الحلويات، نجد أن هذا المعرض يعكس –وللأسف- هشاشة المشهد الصناعي في سورية، وافتقاره للقامات الصناعية الوطنية..!.

فإذا كان نشاط جلّ من يدعون بأنهم “صناعيون” مجرد تغليف وتوضيب، ألأجل هذا يطالب رجال الأعمال بإعفاءات جمركية على مستلزمات وآلات الإنتاج..؟

وهل تعول الحكومة على هذه الصناعة لتفعيل الإنتاج وبالتالي تحسين سعر صرف الليرة مقابل الدولار..؟.

وأين وزارة الصناعة من هذا كله.. وأين سياساتها وإستراتيجياتها كجهة حكومية مسؤولة عن هذا القطاع..؟

علينا أيها السادة تحديد معايير لتصنيف الصناعي الحقيقي بغية الارتقاء الحقيقي بالصناعة الوطنية، إذ لا يعقل أن يُصنّف “صناعياً” من يقوم بأعمال تعبئة السكر والشاي والرز والمتة، ويحصل على إعفاءات وامتيازات وتسهيلات استثمارية مثله مثل من يصنّع الألبسة من الألف إلى الياء، أو من ينتج سلعاً غذائية محلية 100% بدءاً من المادة الأولية الزراعية، مروراً بعمليات تصنيعها ومعالجتها وانتهاء بتغليفها وتوضيبها..!.

ومن المريب أن يتصدر معبئو “الرز والمتة والسكر والشاي ..”إلخ المشهد الصناعي ويقدمون أنفسهم على أنهم صناعيون حقيقيون يمثلون شريحة الصناعيين سواء في غرف الصناعة أم في الاجتماعات الرسمية أم في المؤتمرات وورش العمل الاقتصادية، في حين أن هناك قامات صناعية –ربما مغيبة بقصد أم بغير قصد- تعمل بصمت بعيداً عن الأضواء، وتمتلك منشآت صناعية تعتبر فخر الصناعة السورية..!.

وإذا ما استبعدنا معيار حجم المنشأة الصناعية، نجد أن القيمة المضافة من تصنيع منتج القمر الدين –على سبيل المثال لا الحصر- محلياً وبأدوات تقليدية، أفضل بكثير من تعبئة المتة بأحدث الآلات والتكنولوجيا.. فالأول منتج وطني يفتخر به خاصة وأنه يصدر إلى دول الجوار بعد أن يلبي حاجة السوق المحلية، وبالتالي فهو يشكل مصدر للقطع الأجنبي. بينما الثاني “أي المتة” فهو منتج مستورد يستنزف القطع الأجنبي ويحقق أرباحاً فلكية لمورده، ولا ندري إن كانت وزارة المالية ممثلة بالهيئة العامة للضرائب والرسوم بصورة هذا الأمر أم لا ..!.

ونختم بتذكير وزارة الصناعة بما أورده تقرير السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار في الجمهورية العربية السورية الصادر عن الهيئة العليا للبحث العلمي، والذي بين بصراحة المخاطر المحيقة بالقطاع الصناعي ومنها استمرار التأخر في تحديث الصناعة وتوفير مستلزمات ذلك، وضعف تجاوب القطاع الخاص مع متطلبات التحدث والتطوير على مستوى المنشأة، وغياب العلاقة بين الصناعة السورية، والمنظومة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار، والاعتماد على قوانين حماية المنتج الوطني من حيث السعر والاستيراد، وضعف البيئة الاستثمارية وانخفاض مستويات الاستثمار الصناعي، وعدم توجيه المستثمرين باتجاهات مستندة إلى قواعد بيانات موثقة وموثوقة عن الاحتياجات الفعلية وحجم الطاقات المطلوبة…!.

هامش: نائب رئيس غرفة صناعة دمشق متخصص بتحضير وتعبئة المتة..!.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com