“بالأعمال لا بالأقوال”؟!

357

شارع المال|

تفتقرُ الكثير من تصريحات رجال الأعمال إلى الصيغ التنفيذية، حيث تتزاحم فيها العبارات الخالية من الدسم الاقتصادي، لتنزلق في مهبّ الشعارات التي لا تجدي نفعاً على الواقع المعيشي للناس الذين باتوا أكثر بعداً عن “استذواق” الكلام المعسول أو الاصطفاف في ارتال لاستجداء المعونات ذات المآرب والغايات النفعية لأصحابها الذين تعالوا عن أوجاع الشارع بكل مسمياتها، وخاصة مع انتعاش تجارة بيع الوعود، فالصفحات الفيسبوكية أضحت منابر لذرّ الرماد في العيون وتغييب الحقيقة عما تحقّقه فئة “البزنس” من أرباح يومية تأتي من استثمار المعاناة والحرب والحصار.

وبكل تأكيد فقد كشف الظرف المعيشي القاسي معادن الكثير من رجال الأعمال الذين لا يتوانى بعضهم عن قضم الكعكة المعيشية، والاستحواذ على القسم الأكبر منها، من خلال رفع نسبة أرباحهم تحت ذريعة اختلاف سعر الصرف الذي بات أرجوحة للتلاعب بالأسعار والفتك بالمدخرات، واقتناص الفرص الذهبية تحت مسمّى مبادرات متنوعة لإنقاذ الاقتصاد والحياة المعيشية من مخاطر الفقر، حيث تجتهد رؤوس الأموال إلى جانب تحكمها بالسوق، باقتناص الفرص الاستثمارية والتسابق في مضمار تحقيق المكاسب، من خلال مسلسل المبادرات الطيبة والسخيّة الداعمة للتنمية، في الوقت الذي يسخّرون كل جهدهم لأكل المزيد من حقوق الدولة والمواطن على حدّ سواء، وتجربة العديد من الاستثمارات كالمولات والفنادق والمنشآت السياحية وحتى المجمعات السكنية تثبت الغبن الواضح بهذه العقود، سواء من حيث التوسّع في المشاريع خارج البنود، أو لجهة التصرف والبيع في الأملاك العامة.

بالمحصلة، لسنا ضد رجل الأعمال الحقيقي الذي يساهم في تدعيم حالة الصمود بطرق مختلفة، ولكن نحن نرفع الغطاء عن بائعي الكلام الذين استمرؤوا لقمة عيش الناس وبنوا ثرواتهم على أكتاف الحرب والحصار، ومازالوا يمعنون في تصويب أهدافهم على أبسط مستلزمات المواطن. وهنا نتوقف عند قطاع الأعمال الذي يقول البعض إنه معطّل نتيجة ما يجري، في حين تشير كل الإحصاءات إلى ازدياد مريب في ثروات البعض الذين يطلّون من بوابات النت ليستنكروا أو لينتقدوا أداء بعض الجهات الحكومية التي تتعامل معهم وفق القوانين المعمول بها، في الوقت الذي يبخلون بالتخلي عن جزء من أموالهم لخدمة المجتمع، وإن فعلوا يكون ذلك في حدوده الدنيا!!.

ولا شك أن الأفكار الذهبية في هذه الظروف تكمن في تكثيف الجهود لصياغة اقتصاد إنقاذي فعّال، والتخلي عن الخزائن الشخصية لمصلحة الخزينة العامة من خلال مبادرات خالية من الغايات الربحية التي أغرقت الأسواق في الفوضى، وليس المطلوب الآن المزيد من المعونات والمساعدات الاجتماعية، بل المزيد من الدعم المباشر للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر من قبل رجال الأعمال، وتبني كافة مراحلها الإنتاجية وانتهاج إستراتيجية عمل مختلفة تعتمد النهج التنموي لا الربحي، وبذلك يحقّق هذا القطاع إستراتيجية “بالأعمال لا بالأقوال”.

البعث – بشير فرزان