الراقص الشرقي

532

شارع المال|

الحفلة التي أحياها “الراقص الشرقي” في أحد فنادق دمشق، بحضور نساء من طبقة “الهاي” كما قيل، كانت علامة فارقة في التحولات المجتمعية التي باتت أكثر تسارعاً على خطا الاختلاف والابتعاد شيئاً فشيئاً عن المنظومة الاجتماعية والفكرية التي تمثّل مجتمعنا. وطبعاً كل من تابع حركات وانحناءات الجسم العاري لهذا الشاب، وحالة الانسجام، حسب المشهد المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، دفع به ذلك وبقوة نحو المجهول الذي اختلطت أوراق هويته المجتمعية لدرجة الضياع، فما كان محرماً أو على الأقل ممنوعاً بات ضمن دائرة الفن المشرعن والمرخص له في أضخم الفنادق وللطبقة المخملية، رغم تقارب المشهد في هذه الحفلة النسائية مع المشاهد التي نراها في الأفلام الغربية، حيث لا معيار ولا ضوابط إلا متعة المشاهد ورغباته.
وقد يصنف البعض ما نود قوله في خانة التعصب والحد من الحريات والتخلف الفكري والثقافي، إلا أن ذلك لا يلغي وتحت أي عنوان أن هذه الحالة ترصد انقلاباً مجتمعياً وتسللاً مخيفاً لأفكار مازالت إلى الآن محط جدل ونقاش في الغرب “الشذوذ والمثلية”، وهذا يعني أننا أمام حالة استثنائية تبيّن شدة التباينات والاختلافات المقلقة، ليس في الحياة الاجتماعية، بل يشمل كل ما يصدر في المسار المعيشي والاقتصادي.
وبالعودة إلى هذه الحفلة التي أقيمت وسط أوضاع اقتصادية ومعيشية وحتى اجتماعية تصنف تحت عنوان “كارثي”، تتكاثر وتتزاحم إشارات الاستفهام عن أسباب التناقضات التي تجر الثراء بقوة إلى واقع الناس ويومياتهم مهما كانت نتائجها وتداعياتها، المهم إرضاء هذه الطبقة التي لا تعرف إلا المتعة.

بالمحصلة، نحيي هذا الراقص الشرقي على جرأته وقيادته لحركة التغيير المجتمعي والثقافي من أوسع الأبواب، ودون أن يثير انتباه حراس المجتمع بكل تسمياتهم. وهذا الراقص لا يختلف أيضاً عن الكثير من الراقصين الذين تسللوا إلى سدة مجتمع المال دون رقيب أو حسيب، فباتوا “صنّاع” تغيير واستثمارات وسياسات. ولا شك أن الاعتراف بالتناقض داخل المجتمع، وغياب التوافق على معايير واضحة للسياسات بكامل أشكالها “الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي”، يعد بحد ذاته حالة راقصة على إيقاع تصفيق رجالات ونساء الطبقة “رقم 1” وأمزجتهم ورؤيتهم للواقع السوري عبر مناظير الثروة و”غب الملايين”، مع الحرص على عدم التعميم، أما الحلول فهي قيد الانتظار حتى تتوافر الموارد التي لا ترى لأسباب مجهولة؟!.

البعث –  بشير فرزان