دائماً متأخرة..!.

647

 

ما إن أعلنت وزارة التجارة الداخلية أنها ستخالف كل من لم يعلن عن الأسعار، وستغلق محلّه مع غرامة باهظة.. حتى أسرع تجار أسواق الهال إلى رفع أسعار جميع مبيعاتهم دون أي استثناء..!.
وكدنا نستنتج أن الوزارة ببلاغها المسبق كأنّها قالت للتجار: ارفعوا أسعاركم قبل أن تبدأ حملتنا في الأسواق..!.
وما يلفت الاهتمام أنه على الرغم من آلاف الضبوط التي تنظم يومياً بالمخالفين، فإن أغلبية المحلات مصرّة على البيع دون الإعلان عن الأسعار، أو أنها تعلن عنها بطرق ملتوية، بل الكثير من الباعة يخفيها ولا يُظهرها إلا حين الطلب وبامتعاض شديد..!.
باختصار الأسعار ارتفعت قبل بدء الحملات التموينية التي تأتي دائماً متأخرة جداً..!.
وكما نقول مراراً وتكراراً: الحملات التموينية تبدأ دائماً من حيث يجب أن تنتهي..!.
باعة المفرّق يؤكدون أنهم ليسوا من يرفع الأسعار، بل تجار الجملة ونصف الجملة الذين يرفضون البيع بالفواتير..!.
وعندما نسأل تجار الجملة: لماذا رفعتم أسعاركم وترفضون تداول الفواتير في عملياتكم التجارية؟.
يأتي الجواب: لسنا من يرفع الأسعار بل التاجر المستورد والمنتج المحلي وكلهم يرفض بيعنا بفواتير نظامية..!.
حسناً.. الصورة واضحة تماماً بلا أي تشويه: المشكلة بالتاجر والمصنّع فهما يزوّدان الأسواق بالسلع والمواد ويفرضان أسعارهما وبلا أية فواتير..!.
السؤال الذي لا تجيب عنه وزارة التجارة منذ سنوات: لماذا لا تبدأ الرقابة من مستودعات المستوردين والمنتجين..؟.
إذا استثنينا المهرّبات، فإنه ما من مادة مستوردة إلا ودخلت بموجب بيان جمركي مفصّل بالكميات والأسعار، وفيما إذا كانت مستوردة بدولار مركزي، أو من المصارف الخاصة، أو بتمويل ذاتي من التاجر..!.
والسؤال: لماذا لا تحدّد أسعار السلع المستوردة بالتنسيق بين وزارتي الاقتصاد والتجارة والبنك المركزي قبل طرحها في الأسواق وإلزام المستوردين ببيعها بموجب فاتورة نظامية؟.
وبالنسبة للمنتجات المصنّعة محلياً يجب أن يحدّد سعر بيعها بالجملة مسبقاً من أرض المصنع بالتنسيق بين وزارتي الصناعة والتجارة واتحاد غرف الصناعة..!.
أما السلع المنتجة الأخرى فيجب أن تحدّد أسعارها أيضاً مسبقاً بين وزارة التجارة والمجالس المحلية والاتحادات العائدة لها..!.
كل ذلك لا يحصل.. فوزارة التجارة التي تشكو من قلة عناصر الرقابة تركز دائماً وأبداً على الحلقة الأخيرة والأضعف في عملية تداول السلع أي الباعة وخاصة الصغار جداً.. فلماذا؟.
وبدلاً من تحرير ضبط ببائع يخالف الأسعار لماذا لا تسأله دورية التموين من أين اشترى بضاعته، وتضبط من باعه بسعر مخالف..!.
وعندما يؤكد عضو في لجنة سوق البزورية للجملة ونصف الجملة في الزبلطاني، أنهم كتجار سوق جملة ونصف جملة لا يمكنهم التحكم بالأسعار فالمنبع لأغلب المواد هو المستورد، وهو من يتحكم بالسعر، بينما يقوم تجار السوق بإضافة النسبة الخاصة بهم التي تتراوح بين واحد إلى اثنين بالمئة.. فلماذا لا تتوجّه دورية الرقابة فوراً لضبط المستورد المخالف الذي يبيع بأسعار مخالفة وبلا فواتير..!.
عدد المستوردين قليل جداً مقارنة بتجار الجملة ونصف الجملة.. فلماذا لا تبدأ حملات الرقابة من المعابر والمستودعات.. أم أنهم محميون.. وممن..؟.
كما يمكن الوصول مع غرف الصناعة إلى آلية فعّالة لتسعير منتجات الصناعيين وفوترتها، ومع المجالس المحلية والاتحادات المهنية والحرفية لضبط بقية السلع.. فلماذا لا يحدث كل ذلك..؟.
لقد أثبتت تجارب السنوات الماضية أن الحملات التموينية تأتي دائماً متأخرة جداً..!.
والأهم أنها تبقى غير مجدية لأنها تبدأ دائماً وأبداً من حيث يجب أن تنتهي..!.
البعث – علي عبود