دعاة الاستيراد يستثمرون “كورونا” لتضخيم ثرواتهم ولا يجدون ضيراً باستيراد الألبسة..!.

728

شارع المال – حسن النابلسي.

تتعالى من جديد أصوات المطالبين بتوسيع رقعة الاستيراد، والذريعة هذه المرة “وباء كورونا”… مبدين خشيتهم أن يتم دس هذا الفيروس في ثنايا المهربات التي تدخل البلاد بمنأى عن أعين الجمارك والجهات الرقابية الأخرى..!.

اللافت أن المطالبات هذه المرة أشارت وبدون أي حرج إلى السماح باستيراد الألبسة والأغذية والمنظفات والمعقمات، في وقت ترنو عديد من الدول إلى الصناعة السورية خاصة الألبسة بعد أن أضحت المنتجات الصينية وغيرها إما غير مرغوبة بالمستوى التي كانت عليه في السابق، أو صعبة الوصول إلى بعض الأسواق، بسبب كورونا..!.

كما أن السوق السورية متخمة بالمنظفات والمعقمات المنتجة محلياً ولا نعتقد أن هناك إقبالاً لافتاً على نظيراتها الأجنبية بغض النظر إن كانت مستوردة أم مهربة..وبالتالي لا يوجد مبرر موضوعي لاستيرادها..؟.

فالصناعة السورية أمام فرصة ذهبية ربما لن تتكرر سواء لجهة استعادة ما فقدته من أسواق خلال الأزمة، أم لجهة توسيع انتشارها في أسواق جديدة باتت على أهبة الاستعداد لاستقطاب أي مُنتج سوري نظراً لخلو سورية –حتى تاريخ كتابة هذه السطور- من هذا الوباء العالمي..!.

ربما يجهل أو يتجاهل -من يصر على تكريس الاستيراد كركن أساسي لجني “الدولارات”- أن الاقتصاد السوري الخارج للتو من أزمة امتدت لعقد من الزمن، بدأ يستعيد عافيته، ويعوّل على أن تتسارع صناعته مستفيدة مما يتمتع به من امتيازات سواء لجهة الموقع الإستراتيجي، أم لجهة عراقة عدد من الصناعات خاصة الألبسة، أم لجهة الكادر المؤهل، وعليه بالتالي العمل على اتجاهين استعادة الأسواق التي فقدها خلال الأزمة لتصريف منتجاته، والبحث عن أخرى جديدة..!.

وسبق لنا وأن أشرنا في أكثر من مناسبة إلى أن التركيز يجب أن يبدأ على أسواق العراق، وليبيا، والأردن، والخليج، واستهدافها بالمنتجات السورية، ولعلنا لا نبالغ بقولنا إن الدول الأوروبية عينها على بعض المنتجات السورية في هذا الوقت العصيب الذي يعيشه العالم..!.

كما أن توسيع مروحة برنامج إحلال بدائل المستوردات التي تعمل عليه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، يعطي زخماً كبيراً في هذا الاتجاه، إذ أننا بتنا نلاحظ أن هذا البرنامج بدأ يشمل العديد من الصناعات، فالبداية كانت بصناعة الخميرة والقطر الصناعي، ليشمل مؤخراً صناعة السيراميك والرخام..!.

فلماذا إذاً هذا الإصرار على فتح باب الاستيراد..؟.

أوليس الأجدى بقطاع الأعمال ككل الشد من أزر الصناعة وتقوية عودها حتى يتم الاستغناء مبدئياً عن استيراد ما يمكن تصنيعه محلياً..؟.

أم أن إتخام رفوف المولات بالماركات العالمية، وإرضاء غواية الـ” shopping” المتجذرة بالطبقة الارستقراطية، وترسيخ نهج الاستهلاك المقيت، على حساب الإنتاج، وبالتالي حصد المليارات، هو الهدف والغاية لدى من يطلب أن يكون الاستيراد هو الديدن لاقتصاد لا ينقصه من المقومات ما تؤهله لأن يكون في مصاف اقتصاديات دول المنطقة…؟.

إن الاقتصاد أيها السادة يقوم بالأساس على تحقيق المصلحة الذاتية أولاً بالنسبة للصناعي أو المُنتج، ومن ثم يتطور الأمر لينعكس بالضرورة على المصلحة الوطنية، ولاحقاً على المصالح المتبادلة مع دول الجوار، وتالياً إلى دول الإقليم، وكمرحلة أخيرة إلى دول العالم ما أمكن..ومن هذا المنطق لا نرى ضيراً باستثمار هذا الظرف الاستثنائي العالمي لانسياب المنتجات الصناعية المحلية المطلوبة عالمياً، لاسيما وأن سورية خالية من فيروس كورونا، لا أن نستغل الأخير ونوظفه بالاتجاه المعاكس تحت ذريعة الحد من التهريب..!.

إذاً علينا إدراك هذا الواقع بكل حيثياته واستثمار مفرزاته وتسخيرها ضمن سياق مصلحة الاقتصاد الوطني، مع الإشارة طبعاً إلى العمل على مسألة جذب الاستثمارات الأجنبية، والتي من المفترض أن تجد بسورية أرضاً خصبة للتنمية بناء على ما تقدم..!.