النفط في بدايته كان لعنة لأنه يؤثر على صوف الماشية.. البصيرة بوصلتنا لإدراك وردية المستقبل..!.

654

شارع المال – كتب هشام النابلسي

“عندما نمسك القلم فإن نصف أفكارنا تهرب”… ذلك أن محاولتنا للكتابة تجعلنا وجهاً لوجه أمام الحقيقة، حقيقة ما نقدر عليه في هذه اللحظة، لاما نتوقعه أونتوهمه، ليس في الكتابة وحدها بل في مجمل ما نقوم به، فقد تتعطل لغة الكلام عند شاعر و هو ينظم مفردات قصيدته، فلا يعود قادرا على الإكمال فترة تطول أو تقصر، ورب مهندس في لحظة أخرى تعطلت لديه موهبة الإبداع والتخطيط فيرجئها لوقت آخر، إنها العلاقة بين الأحساس والإدراك وصولاً إلى قمة الرقي هوالإبداع.

فما نكتبه ليس لمتعلم أو غير متعلم، لأنه حسب رأيي  -ليس المتعلم من يجيد القرآة والكتابة، إنما المتعلم من يتقن فن التعامل مع الآخرين، بلا تكلف ولا تملق، ويحترم الآخر لذاته، وإن كره كره الصفة، لا الموصوف، محاولا إصلاح الخلل أينما وجد – فكثيرا من المواهب دفنت، والقدرات شلت، لأنها لم تجد من يرعاها، وكم من أفراد ظلمهم المجتمع، وأكملت عليهم المدرسة، فالتكنولوجيا المتوافرة في مدارس اليوم أقل تطورا مما هو في المنازل، فكيف يعطي من هو أقل للذي هو أكثر ..!.

إننا نستخدم حواسنا في كل جزئية من حياتنا، لكن مدركاتنا لما نحس به، تختلف من شخص لآخر، رغم أن الحقيقة واحدة، فقد يدرك كل منا جزءاً يختلف عن الجزء المدرك للشخص الآخر، فإذا ما تكاملت الإدراكات وصلنا للإدراك الكلي، ومن هنا تنبع أهمية التلاقح الفكري في زمن الكورونا، فلو تكاملت جهود علماء العالم لتسارع الفرج والخلاص..!.
ويتنامى الأدراك مع تنامي الحواس، فالطفل الوليد إحساساته بسيطة وكذلك إدراكاته، يعبرعن حاجاته بالبكاء، معتمداعلى إدراكاتنا للبحث عنها وتلبيتها، ويزداد نمو حواسه وكذا إدراكاته، فيبدأ بالمناغاة بلا دلالة، ثم بدايات الأحرف، وهكذا تنمو إدراكاته ليكتمل ذكائه في سن يربو من الثامنة عشر وتبدأ اهمية الخبرة مع الذكاء، والإشكاليات مع أطفالنا ماهي الا نواتج أخطاء فينا، كوننا الأكثر إدراكا، فلو شاهد طفلا صغيرا، طفلا آخر، معه ثلاثة ألعاب، فسيحاول أخذ واحدة منها، لاعتقاده بأنه حق له، ولكننا نفسر تصرفه، سرقة أو تسلط، ولو قمنا بتغطية لعبته، سيظن حسب إدراكه، أنها اختفت، ولكن في مرحلة أكثر تطوراً، يعرف فيزيل الغطاء، وفي مرحلة المحاكاة، يحاكي لعبته فيضربها، إن كان يُضرب ليظهر مكبوتاته، وهكذا بمرور الزمن والتعلم، تنمو أحاسيسنا، وإدراكاتنا، فتزهر، وتثمر، وتبدع، وإن لم تجد من يرعاها، فربما تموت في مهدها، أوتنحرف عما يرجى منها، لخلل في البيت أوالتعلم، ورُبّ أيام كثيرة، تمر لندرك ماهية الشيء، رغم أنه محسوس بيننا، بل ربما شهور وسنين، فنقول الآن عرفت، أو من زمن أبحث عن حل هذه القضية أو أن يقول هذا هو الحل لبساطته..!.

لقد كان النفط في بدايته لعنة، لأنه يؤثر على صوف الماشية، ثم أُدرِك أنه عصب الحياة، واليوم بيننا أشياء كالنفط سابقاً، فالذكي من يكتشفها، لأنه سيأتي زمن يُدرَكُ قيمتها، فالبصيرة هي القدرة على إدراك الأشياء، وما ورائها، والحكمة، هي وضع الشيء المناسب في الوقت المناسب والمكان الناسب، وهذا يقودونا الى موضوع آخر هو الإبداع وأهميته وكيفية تطويره..