الـ50 مليوناً تزن 20 كغ.. “شوالات” وعربات هاربة من “بريستيج” المصارف لنقل الأموال!
الـ50 مليوناً تزن 20 كغ.. "شوالات" وعربات هاربة من "بريستيج" المصارف لنقل الأموال!
شارع المال|
تحول حجم الكتلة النقدية التي يحتاجها المواطن أو التاجر أو صاحب الأعمال، إلى عبءٍ حقيقي في أية عملية بيع وشراء، فلم يعد الحديث عن حمل النقود بـ”الشوال” عند أية عملية شرائية مجرد طرفة يتندّر بها المواطنون، بل تحولت إلى عقبة بوجه الكثيرين تضطرهم لتأجيل أعمالهم أو تجزئتها، فعمليات البيع والشراء الكبيرة تحتاج سيارة خاصة لنقل النقود فقط، وهو مشهد بات اعتيادياً أيضاً أمام فروع المصارف العامة والخاصة، لمن يسحب قرضاً أو يذهب لإيداع الأموال، إذ تحمّل النقود بالسيارات وتنقل من أو إلى المصرف عبر أربعة أو خمسة أشخاص بـ”العرباية”!.
حتى التسوق الاعتيادي أصبح عبئاً في ظل ما يحتاجه الشخص من كتلة نقدية ضخمة، يضطر لتقسيمها مع شخص آخر برفقته، بينما تحتاج عمليات شراء الذهب أو السلع المعمرة على سبيل المثال عدة “نقلات” من الأموال!.
الأستاذ في كلية الاقتصاد الدكتور شفيق عربش رأى أن المشكلة في تعقيدات الإجراءات وبيروقراطيتها، فلو كان هناك ثقة بالمصارف لكانت أية بطاقة إلكترونية يملكها الشخص كافية لتأمين كل احتياجاته، لكن الثقة بالنظام المصرفي، وخصوصاً العام، ليست قوية كفاية، لذلك نجد أكثر الحسابات هي توطين رواتب فقط، وهذه الرواتب غير كافية لسد رمق المعيشة، فكيف ستستخدم لتمويل المشتريات، فضلاً عن الحاجة لبنية تحتية جيدة لهذه العمليات.
وأضاف عربش أن هذه المقومات لو أمنت لخففت من طباعة النقد، والحاجة لكتلة نقدية كبيرة، وتخفف من تداول العملة بشكل فيزيائي، ويمكن أن تحدّ إلى درجة كبيرة من المضاربة على الليرة، لكن المقومات غير موجودة فـ”الحل بالموجود”!، مبيناً أن هذه الطريقة بالتعامل، والحاجة لكميات كبيرة من النقد لتمويل مشتريات خصوصاً للسلع المعمرة، تعرّض سلامة المواطن للخطر، فضلاً عن العبء عليه، فمثلاً: المئة قطعة من 5000 ليرة وزنها 200غ، أي المليون ليرة وزنها 400غ، والخمسين مليون ليرة تزن 20 كغ!.
وأوضح عربش أن أي محل بيع أدوات كهربائية اليوم إذا استقبل 10-15 زبوناً، تصبح مبيعاته 100 مليون ليرة بأقل تقدير، وأية محطة محروقات تدفع ثمن صهريج البنزين مثلاً 230 مليون ليرة، فكيف يتمّ نقل هذه الأموال كلها! مؤكداً أن هذا الأمر يسبّب ضغطاً على المصارف ووقت الناس وتأخيراً لمعاملاتهم.
من جهة أخرى تعول الحكومة على الدفع الإلكتروني والإلزام ببعض العمليات والتحويلات بالقنوات المصرفية فقط، وهي نقطة رآها قطاع الأعمال إيجابية لهم خلافاً للمستهلك العادي الذي زادت أعباؤه، بينما تعدّ السقوف المحدّدة والشروط والتقييدات المتبعة من المركزي عاملاً معيقاً لتطبيق هذه الآلية بالشكل الصحيح، وهنا اعتبر عربش أن الحديث عن التحول الرقمي والدفع الإلكتروني مجرد “حكي”، فعلى أرض الواقع المشكلة كبيرة بالثقة والتقييد والبنية التحتية غير الجاهزة، مبيناً أن أحد أبرز أسباب التراجع اليومي هو ضعف الثقة “القاتلة”.
وفيما يرى البعض أن جزءاً من الحل قد يكون بإصدار فئات نقدية أكبر كالـ10 آلاف ليرة وأعلى، لم يعول عربش على هذا الحل لأنه لن يفيد شيئاً بظل التضخم، كما أن إصدار كتل نقدية، دون أن يسحب عوضاً عنها العملة المهترئة القديمة، سيزيد التضخم، مشيراً إلى الحاجة لسياسة نقدية مختلفة، وأن يتخلى المركزي عن فكره المتحجر أنه بهذه الطريقة يحافظ على سعر صرف الليرة، فطالما أن كل الأدوات فشلت والليرة تخسر من قيمتها، لماذا التمسك بها؟ متسائلاً: هل هذا سقف كفاءة المركزي والعاملين به؟!.
البعث – ريم ربيع