“تقبين المال” يتفوق على ماكينة العد.. والفئات القديمة تخضع لعمولة إيداع فئات عملة صغيرة!
"تقبين المال" يتفوق على ماكينة العد.. والفئات القديمة تخضع لعمولة إيداع فئات عملة صغيرة!
شارع المال|
في الوقت الذي خرج فيه ضبط آلية السوق والتحكم بنسب ومعدلات التضخم عن سيطرة المعنيين بعد أن أصبحت معدلات هذا التضخم متسارعة ولم يعد علاجها من أولويات التدخل الحكومي المدروس، طغى مشهد وزن النقود الورقية على الموازين الالكترونية في سوق الصاغة وحتى في الأسواق العادية.
ومع نفي المعنيين في سوق الصاغة قيامهم بوزن النقود واعتبار الموضوع بمثابة تهمة لهم، أكد تجار الجملة والمفرق لجوءهم في أغلب عمليات البيوع إلى “تقبين النقود” وحفظ وزن كل رزمة على حدا، فوزن رزمة 500 ألف ليرة سورية من فئة الـ5000 يبلغ 98 غرام، كما أن وزن رزمة 200 ألف ليرة من فئة الـ2000 يبلغ 100 غرام.
في المقابل لم تسلم الفئات الورقية القديمة من هذه الظاهرة والتي تذرّع التجار بتلفها وعدم قدرة “العدّادة” عن إحصاء قيمتها بالتالي اللجوء لوزنها، ليؤكد خبراء الاقتصاد أن فقدان العملة المحلية قيمتها وعدم قدرة المعنيين على كبح جماح التضخم الحاصل اليوم أوصلنا لتقبّل فكرة “تقبين المال” كأي سلعة تجارية فشراء أي عقار أو حتى قطعة كهربائية أو فرش منزل يحتاج لأكياس وسيارة خاصة لنقله إلى البائع وعدد من الساعات لعدّهم على الماكينة الالكترونية بالتالي فإن فكرة وزن النقود اليوم ليست هي المشكلة التي يجب الحديث عنها بل الأسباب التي أوصلت قيمة العملة اليوم إلى هذه المرحلة وتداعياتها مستقبلاً.
هذا ما تحدث عنه محمد الحلاق “عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق” في تصريح لـ “البعث” لافتاً إلى أن هذا الموضوع يأخذ حيز أكبر من حجمه، فعد الكتلة النقدية عن طريق اليد أو الماكينة الوزن لن يُغير من قيمتها زيادة أو نقصاناً، ولم ينكر عضو مجلس الإدارة قيام الكثير من تجار جميع السلع بوزن المال خاصة أن الميزان الالكتروني حساس ويعطي الرقم بشكل دقيق، ناهيك عن أن ثمن ماكينة العد اليوم أكبر من ثمن الميزان، مشيراً إلى أن فقدان ورقة من أصل “المية” ورقة أقل قيمة من عملية إصلاح ماكينة العد أو شرائها، ويجد الحلاق أن موضوع وزن المال مزعج من منحى آخر كونه يترك انطباع بأن قيمة العملة النقدية باتت أقل من أن توضع في ماكينة العد وأصبح مكانها على الموازين.
في المقابل أشار الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق شفيق عربش لـ”البعث” إلى أنه في ظل هذا التضخم والارتفاع الكبير للأسعار أصبحت العملة عبء كبير بمعنى أن كمية النقود الناتجة عن عملية البيع والشراء في الأسواق خاصة بالنسبة للسلع المعمرة باتت مقلقة للبائع عند نقلها وحفظها وإرسالها للمصارف، لاسيّما وأن التعامل مع المصارف اليوم ليس سهلا بأرقام كبيرة كالملايين والمليارات، فشراء منزل اليوم يتطلب من صاحبه وضع جزء من سعر المنزل بالمصرف لحساب البائع وهذا يحتاج لأكثر من شخص لحمل هذه المبالغ وتسديد هذا المستحق عن طريق المصرف، ولفت عربش إلى أن العملة فقدت هيبتها وسط تعامل الكثيرين معها دون اكتراث أو احترام وهذا ما نلحظه اليوم بعد أن تم طرح كميات كبيرة من العملة من فئة ال500 وال1000 ليرة القديمة وهي بحالة ليست جيدة للتعامل في الأسواق إلّا أن محاولة أي شخص دفعها بالدوائر الرسمية مثلاً ستبوء بالفشل كون هذه الدوائر ترفض استلامها كذلك الأمر في حال إيداعها بالبنك تخضع لعمولة إيداع فئات عملة صغيرة.
البعث – ميس بركات