تأثير غير مباشر لقرار رفع سعر الفائدة من قبل “الفيدرالي الأمريكي” على الاقتصاد السوري

4٬138

شارع المال|

يأتي قرار رفع أسعار الفائدة مؤخراً من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بمقدار 25 نقطة أساس لأول مرة منذ نهاية 2018، في وقت تعاني فيه غالبية الدول العربية غير النفطية “عموماً”، من ضغوطات وضربات بدأت قبل عامين، مع تفشي جائحة كورونا، فاقمتها ضربة ارتفاع أسعار المستهلك منذ الربع الأخير 2021، وتعاني سورية “خصوصاً”، إضافة إلى ما سبق من أزمة تعدت العقد من الزمن، وإذا ما علمنا أن رفع الفائدة هو أحد عوامل الضغط خارج سيطرة راسمي السياسات النقدية والمالية للدول العربية، بحكم اعتماد الدولار عملة رئيسة ثانية إلى جانب العملات المحلية، فإن هذه الدول باتت تخشى من تأثيرات سلبية على اقتصاداتها..!

تأثير بسيط

الاقتصاد السوري بالنهاية ليس بمعزل عما ينتاب نظرائه من الاقتصادات من خضّات، وهنا يتساءل الكثيرون عن مدى تأثره بقرار الاحتياطي الفيدرالي..؟

الخبير المصرفي قاسم زيتون بين أن رفع سعر الفائدة الأمريكية على الدولار يؤثر من حيث المبدأ على الأسواق العالمية، وخاصة لناحية ارتفاع الأسعار، وكذلك في أسواق الأسهم، إلا أنه قليل التأثير على الاقتصادات الناشئة أو المتعثرة عموماً.

وفيما يتعلق بالحالة السورية أكد زيتون أن تأثيره على الأسعار بسيط جداً لعدم ارتباط الاقتصاد السوري بالاقتصاد الامريكي تصديراً واستيراداً، لكن هذا الرفع يؤثر بشكل غير مباشر على الأسعار ارتفاعاً من خلال تأثيره على سعر الصرف، خاصة وأن المستوردات السورية تعتمد بشكل أساسي على الدولار، وبالتالي سيزيد الطلب على الدولار ما يؤدي الى انخفاض قيمة الليرة السورية، وبالتالي زيادة عامل آخر على ارتفاع الأسعار، لكن هذا العامل لا يقارن بالعوامل الأخرى المؤدية لارتفاع الأسعار الناتجة عن الحرب الأوكرانية وانعكاس ذلك على ارتفاع تكاليف النقل بسبب ارتفاع أسعار النفط والارتفاع الكبير في مبالغ التأمين على السفن والبضائع، إضافة الى شح المواد على المستوى العالمي وخاصة المواد الغذائية على اعتبار منطقة الصراع الحالية رافد مهم للغذاء العالمي.

إذاً -وحسب زيتون- لا تأثير كبير لرفع سعر الفائدة على السوق السورية إلا ما نتج عن ارتفاع سعر الصرف، وتنخفض نسبة التأثير كلما برزت قدرة المصرف المركزي على التحكم ما أمكن بسعر الصرف، معتبراً أن هذا الأمر ما يزال تحت السيطرة ولن يكون هناك ارتفاعات كبيرة، وستبقى محدودة ضمن الحدود التي يجعل تأثيرها على ارتفاع الاسعار محدوداً، اما لناحية التأثير في أسعار الأسهم فلا تأثير لرفع سعر الفائدة على سوق الأسهم لأن التداول لدينا في حدوده الدنيا أساساً.

بين الإيجاب والسلب

أما المصرفي الدكتور علي محمد، فقد أوضح أن أي ارتفاع بأسعار الفائدة ينعكس إيجاباً على بعض القطاعات، وسلباً على قطاعات أخرى، مشيراً لـ”البعث الأسبوعية” إلى أن رفع سعر الفائدة في كل الدول هو وسيلة لرفع الادخار من ناحية، وممكن أن يؤدي إلى زيادة قوة العملة من ناحية أخرى، لكن في المقابل يؤدي بشكل أو بآخر إلى تخفيض الاستثمار خاصة عندما يكون سعر الفائدة مجدياً أكثر من المعدل العام للاستثمار، وبالتالي فإن تخفيض الاستثمار يعني انخفاض الأسواق المالية.

بالنسبة للولايات المتحدة تحديداً بين محمد أن الدين الحكومي هو دين كبير جداً، وربما تخطى الـ28.5 أو ربما أنه وصل إلى 30 تريليون دولار، وهذا الدين بجله ممول عبر سندات الخزانة الأمريكية، وهذه السندات يتم تداولها في الأسواق المالية، ويتم تداولها من قبل أفراد من حاملي الجنسية الأمريكية، إضافة إلى دول في مقدمتها الصين واليابان، فأكثر من ثلث حملة السندات الأمريكية هم من الصين واليابان.

وأكد محمد أن رفع سعر الفائدة يؤدي إلى تخفيض قيمة السندات، فإذا افترضنا –مثلاً- أن سعر السند 1000 دولارباستحقاق 10 سنوات والفائدة 10%، يعني كل سنة يربح السند 100 دولار على مدة استحقاق هذا السند، وبالتالي في حال رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بنقطة واحدة، أصبح سعر الفائدة 11 نقطة، وأصدر سندات جديدة بناء على هذه الفائدة الجديدة، يصبح السند الجديد الذي قيمته 1000 دولار بفائدة 11 أصبح يربح 110 دولار سنوياً، وأصبح هذا السند أفضل السند المملوك سابقاً ذو الفائدة 10، عندها حملة هذا السند عندما يريدون بيعه، يضطرون لكسر سعره إلى 980 أو 970 دولار.

المصدر: البعث الأسبوعية