ملف ريادة الأعمال بحكم المنسي.. سورية متأخرة في معظم مؤشرات الابتكار واستخدام التكنولوجيا الجديدة!

ملف ريادة الأعمال بحكم المنسي.. سورية متأخرة في معظم مؤشرات الابتكار واستخدام التكنولوجيا الجديدة!

23

شارع المال|

يمكن القول: إن واقع ريادة الأعمال في سورية ليس على ما يرام، لا من جهة النوع ولا حتى الكم، فالأمر شبه منسي، بدليل ما أكده بحث حمل عنوان ” دراسة العوامل المؤثرة على ضعف بيئة ريادة الأعمال في سورية” وجاء فيه صراحة: “عند البحث في المكتب المركزي للإحصاء في سورية نلاحظ عدم وجود أية عملية مسح متعلقة بريادة الأعمال أو بالمشروعات الريادية أو النشاطات الريادية”!

منخفض!

وبيّن البحث الذي قدمه الدكتور زكوان قريط /كلية الاقتصاد – جامعة دمشق/ في المؤتمر الخامس للباحثين السوريين في الوطن والمغترب لعام 2023، قيام المرصد العالمي لريادة الأعمال في عام 2019 بعمل مسح إحصائي للوقوف على مستوى النشاط الريادي في سورية، وعند تحليل النتائج ظهر بأن معدل النشاط الريادي الإجمالي في المراحل المبكرة في سورية منخفض حيث بلغ (8.5%) مقارنة مع غيرها من الاقتصادات المعتمدة على الموارد (17.7%)، ومع مجموعة دول المقارنة التسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي يبلغ فيها (12.6 %) وسطياً.

فجوة!

لاحظ التقرير أن الأقلية من السكان البالغين حاولوا البدء بإنشاء مشروعاً وامتلكوا مشاريع جديدة أو قائمة بالإضافة إلى ذلك توجد فجوة كبيرة في النوع الاجتماعي في سورية في المراحل المبكرة من النشاط الريادي حيث سجلت سورية أكبر فجوة في النوع الاجتماعي بين دول المقارنة بعد المملكة العربية السعودية.

كما أشارت النتائج إلى أن سورية متأخرة، في معظم مؤشرات الابتكار واستخدام التكنولوجيا الجديدة، عن كل دول مرصد الريادة العالمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبالإشارة إلى تقرير ممارسة أنشطة الأعمال عام 2021 نرى سورية في جدول ترتيب البلدان على أساس سهولة ممارسة النشاط التجاري في المركز 144 من أصل 183 دولة أي انه مركز متأخر جداً.

عند الحديث عن ريادة الأعمال لا يمكن إغفال العوامل المساعدة لإيجاد هذه البيئة والتي يعتبر الإبداع محركاً أساسياً لها لتوفير  بيئة ريادية ناضجة والتشجيع عليها، وبالإشارة إلى تقرير البنك الدولي العالمي ما بين عامي 2009-2010 نجد أن سورية تحتل المرتبة رقم 100 بين الدول من حيث توفير عوامل الإبداع وهي مرتبة متأخرة جداً لا نريد أن نقول عالمياً ولا حتى عربياً، إنما مقارنة بالدول الحدودية المجاورة مثل الأردن والتي تحتل المرتبة 51.

كذلك الأمر فيما يتعلق بموضوع التنافسية ووفقاً لتقرير التنافسية العالمي نلاحظ تأخر سورية في المركز رقم 94 ما بين سنة 2009 – 2010 ومتراجعة عن الإحصائية الحاصلة ما بين عامي 2008 – 2009 حيث كانت تحتل المرتبة 78 هذه المؤشرات تلعب دور أساسي وتوضح وجود مشكلات وخلل في البيئة الحاضنة لريادة الأعمال داخل سورية.

ضعف المناهج!

وخلص الباحث إلى أن النسبة الكبرى من عينة البحث ترى وجود ضعف في المناهج التعليمية وخصوصاً مرحلة ما قبل الجامعية، واعتبر أن السياسات التشريعية الحالية غير مشجعة للبدء بالمشاريع الريادي وتعتبر عائق أمام ريادي الأعمال، إضافة إلى أن السياسات الاقتصادية لا تقدم الدعم المالي ولا تعمل على تسهيل الدعم المالي لريادي الأعمال ولا يوجد حلول مالية مناسبة لتمويل هذه المشاريع، إلى جانب أن الثقافة الوطنية بشكل عام غير مشجعة وغير متماشية مع ريادة الأعمال، فضلاً عن أن حاضنات الأعمال بوضعها الحالي تعاني من ضعف خصوصاً من ناحية التمويل ومعظم من لديهم نية ريادية لم يعتبروا أن الحاضنات تقدم لهم الدعم المناسب.

ويؤكد الباحث أن وسائل الدفع غير مناسبة وغير مساعدة للمشاريع الناشئة خصوصاً مع التوجه الواضح نحو التجارة الالكتروني في غالبية المشاريع الناشئة حيث تفتقر سورية لوسائل الدفع الالكتروني بشكل كبير، مشيراً إلى أن سياسات التمويل للمشاريع الناشئة تكاد تكون منعدمة، وأنه يوجد صعوبة في الحصول على تراخيص، وأن التشريعات المتعلقة بذلك معقدة وغير ميسرة.

مسؤولية القطاع الخاص!

وخرج البحث بتوصيات عدة يتصدرها إشراك الرياديين الذين لديهم خبرات سابقة بوضع منهج دراسي وإعطائه كنشاط أسبوعي من قبل الرياديين أنفسهم للمرحلة ما قبل الجامعية لتعريف الطلاب بماهية ريادة الأعمال لتكوين وعي مبكر لديهم، وإقامة نشاطات وورشات عمل خاصة حول ريادة الأعمال في الجامعات السورية بشكل منتظم لزيادة الوعي نحو هذا الموضوع وتهيئة الطلاب خصوصاً في سنوات ما قبل التخرج، إضافة إلى زيادة الوعي نحو أهمية ريادة الأعمال من خلال إقامة ندوات ومنتديات في المراكز الثقافية المنتشرة في سورية، وتوعية البنوك الخاصة والعامة بضرورة إيجاد برامج تمويل وقروض خاصة تلبي حاجات التمويل للمشاريع الريادية.

وأوصى البحث بِحَثّ الشركات في القطاع الخاص على زيادة دعم المشاريع الريادية من خلال تقديم الدعم المادي اللازم لقاء قيمة استثمارية فيها، والعمل على إيجاد جهة حكومية تقدم واحدة تقدم التراخيص اللازمة للمشاريع الريادة بعيداً عن الإجراءات البيروقراطية، والتعاون فيما بين البنوك الخاصة والعامة والجهات المعنية لإنشاء وسيلة دفع الكترونية موحدة ومقبولة محلياً يمكن أن تدعم المشاريع الريادية التي تعتمد على التجارة الالكترونية في نشاطها، وعقد شراكات مع حاضنات أعمال خارجية ذات كفاءة وإمكانية أكبر من المحلية، والعمل على توعية أصحاب رؤوس الأعمال على أهمية المشاريع الريادية وما يمكن ان يعود عليهم في حال نجاح الاستثمار في هذه المشاريع.