باستسهال وتعميم.. الحكومة تواكب الزيادة في الأسعار برفع سقف إصلاح سياراتها المهترئة!”

باستسهال وتعميم.. الحكومة تواكب الزيادة في الأسعار برفع سقف إصلاح سياراتها المهترئة!

131

شارع المال|

في الوقت الذي لم تعُد فيه الرواتب والأجور تواكب التحديثات المستمرة لأسعار جميع مستلزمات الحياة المعيشية، أصدرت الحكومة أمس قراراً برفع سقف إصلاح السيارات الحكومية (السياحية، بيك آب، حقلية، بيك آب دبل كبين) من 600 ألف ليرة إلى 5 ملايين ليرة سورية سنوياً، وبموجب القرار تم رفع سقف إصلاح سيارات الركوب المتوسطة (الميكروباص) وسيارات الركوب الكبيرة (الباصات) وسيارات النقل الكبيرة التي لا يتجاوز وزنها الإجمالي 11 طناً، من مليون ليرة إلى 10 ملايين ليرة سنوياً، مبرّرة ذلك بأن البند المخصص لإصلاح الآليات الحكومية لم يعُد يواكب الزيادة في الأسعار في السوق وتكاليف الصيانة والإصلاح وقطع الغيار التي تتطلّب إصلاحاً مستمراً للآليات.

القرار حمل في طيّاته الكثير من الاستغراب لجهة مضمونه وتوقيت إصداره، إذ لم يعُد خافياً على أحد أن ارتفاع أجور عمليات إصلاح المركبات العامة والخاصّة وأسعار قطع الغيار والتبديل وصل إلى أرقام خيالية، إلّا أن هدر المزيد من الأموال على إصلاح المركبات المهترئة في الوقت الذي يعاني فيه البلد من أزمات اقتصادية وقلّة في الموارد دعا المواطنين إلى التساؤل عن الجدوى الاقتصادية العائدة لجيب المواطن من هذا القرار واستبعاد الحكومة في قرارها فكرة الاستعاضة عن القديم بحديث، ليؤكّد الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور حسن حزوري أن المبالغ الموضوعة سابقاً لإصلاح الآليات الحكومية لم تعد تكفي، وبالتالي فإن موضوع رفعها بات ضرورياً وحتمياً، إلّا أنه يؤدّي إلى المزيد من الهدر والفساد بأيدي لجان المشتريات، ولم يخفِ حزوري وجود عبء كبير تستهلكه السيارات الحكومية المهترئة يذهب بين أجور صيانة وبنزين مستهلك وفساد وسمسرة تصل إلى 50%، لذا كان من الأفضل استبدال السيارات المهترئة بجديدة، إضافة إلى ضبط آلية حركة السيارات الحكومية التي لا يدخل الكثير منها في خدمة العملية الإنتاجية وسير عمل المؤسسات، وبالتالي هي غير مجدية اقتصادياً ويتم استخدامها لخدمات منزلية وعائلية وشخصية، ولفت دكتور الاقتصاد إلى أن إيقاف الهدر في صيانة السيارات الحكومية المهترئة سيوفر مبالغ كبيرة يمكن الاستفادة منها بزيادة الرواتب حوالي 50%.

في المقابل لم يجد الخبير الاقتصادي محمد كوسا السلبية المطلقة بقرار الحكومة، لأن الأغلبية العظمى من أسطول السيارات الحكومية تعمل على مبدأ “الدفش” وتحتاج إلى صيانة، لافتاً إلى أن القرار كان يحتاج لدراسة ووضع معايير محددة للسيارات التي ستُصرف عليها هذه المبالغ وضبط الموضوع بحيث يتم تطبيق القرار على مبدأ إعادة النظر بالسيارات المُخدّمة حقاً للعاملين والمديرين وفق نظام “الشرائح”، ولاسيّما مع وجود الكثير من الشركات الإنتاجية والإنشائية المتوقفة عن العمل، ومن هنا فإن الآليات التابعة لها لا تخدم المصلحة العامة حالياً، فما يُؤخذ على الحكومة في قراراتها هو الاستسهال والتعميم على الجميع، واعتبر كوسا أن القرار كان ضرورياً مع ضعف إمكانية الاستيراد حالياً وعدم وجود قطع تبديل متاحة بشكل مستمر وبسعر مقبول، إلّا أن الدراسة والتخطيط والضبط هي ما كانت مطلوبة لنجاح هذا القرار، إضافة إلى أهمية التشجيع لموضوع الصيانة الجماعية في غرف أو ورشات صيانة مركزية تابعة لكل وزارة كي نتلافى الهدر في هذا الموضوع.