تقلص الحيازات الزراعية يهدد ربح الفلاح ويحول دون تعاون المُصدّر والصناعي معه

تقلص الحيازات الزراعية يهدد ربح الفلاح ويحول دون تعاون المُصدّر والصناعي معه

25

شارع المال|

يجد الكثير من العاملين والمهتمّين بالقطاع الزراعي اليوم أن تطبيق نظام التعاونيات الإنتاجية قد يشكل الحلّ الأفضل، والأكثر منطقية، في معالجة عقبة الحيازات الصغيرة التي يشكو منها الفلاح والصناعي والمصدّر، فتفتّت الأراضي وتقسيمها لحيازات صغيرة قلّص من مردودها للفلاح أولاً، وجعل التعاقد معه، سواء بهدف الصناعة أو التصدير، أمراً شبه مستحيل في ظل تواضع الإنتاج فيها، بينما تدعو تجربة التعاونيات المطروحة للتنظيم والنقاش منذ أعوام للتفاؤل بعد بدء تطبيقها مؤخراً في بعض المناطق، حيث تسمح بتجميع الأراضي المتجاورة بناءً على الاتفاق بين الفلاحين لزراعتها وتسميدها والعناية بها كأرض واحدة، مع الحفاظ على ملكيتها لأصحابها دون أي تغيير.

المستشار في غرفة زراعة دمشق عبد الرحمن قرنفلة أوضح أن التقدم التقني، والدخول بمرحلة الزراعة الذكية، والمكننة، وتطبيق الذكاء الاصطناعي بالزراعة، كلها تحتاج بالضرورة نظام مساحات كبيرة، واستقدام التقنية والآليات الكبيرة التي لا يمكن اعتمادها بالمساحات الصغيرة، فضلاً عن بحث المصدّرين وصناعيي المواد الغذائية عن المزارع الكبيرة المتكاملة لدعم أصحابها بالمواد التي يحتاجونها عبر التعاقد معهم للحصول على مردود جيد لهم ولصاحب الأرض، وهو ما لا يمكن تطبيقه في الأراضي الصغيرة.
وأضاف قرنفلة أنه عند تطبيق نظام الإصلاح الزراعي محلياً، كان له أهداف متعدّدة، منها رفع الظلم ومنع استغلال الفلاح، ولكن نظام الإرث الذي استمر العمل به هو ما تسبّب بتفتّت الحيازات، لدرجة بات معظمها غير قابل للاستثمار أساساً، إذ نرى أحياناً أرضاً بمساحة 10 دونمات قسّمت إلى دونم واحد لكل وريث! موضحاً أن معظم الزراعة اليوم ممكننة، فالقوى العاملة بالزراعة كانت تشكل في الستينيات 45% من إجمالي القوى العاملة، والآن تدهورت النسبة إلى أقل من 8%، إذ لم يعد هناك عمال بالزراعة، لذلك نحن مضطرون للاعتماد على الآلة التي لا تنفع بدورها مع المساحات الصغيرة.
ورأى قرنقلة أن الحلّ الأمثل لمشكلة الحيازات هو التعاونيات الإنتاجية التي تجمع الأراضي المتقاربة لزراعتها بالصنف نفسه، وتسميدها، وإدخال المكننة إليها بشكل متوازٍ، إذ يصبح من المنطقي فيها شراء الآليات، فهو النظام الأمثل للتجميع من دون مصادرة ملكيات، علماً أن هذا النظام متّبع حتى في الدول الكبرى وحقق نجاحاً كبيراً. كما اعتبر الخبير الزراعي أن هناك حاجة لتغيير السلوك الاجتماعي، حتى يقبل المزارع التعاون مع الفلاحين المجاورين لأرضه، بحيث يحصل على مردود أعلى، مشيراً إلى أن التجربة لا تزال حديثة وهذه بدايتها، ونحتاج إنتاج موسم على الأقل لتقييمها، لكن بالعموم هي حلّ ناجح عالمياً.

البعث – ريم ربيع