مسعى مضاد لتقويض الصناعة السورية….محال ومولات دمشق الراقية تتحول إلى منافذ لتسويق المهربات..!

541

شارع المال.

بغض النظر عن قيمة الغرامات التي تحققتها المديرية العامة للجمارك من القضايا التي تضبطها بين الفينة والأخرى والتي تقدر بمئات الملايين، إلا أن ما يلفت الانتباه حقيقة هو تورط عدد من أفخم المحلات والمولات التجارية المخملية في وسط العاصمة دمشق، إذ نجد وبموجب بعض الوثائق الصادرة عن المديرية العامة للجمارك، أن تمركز هذه المحال في مناطق “المزة أتوستراد والفيلات الغربية والشرقية – أبو رمانة  – الروضة – كفر سوسة – المالكي – الشعلان – القصاع – الطلياني”، وتبيع مواداً وسلعاً مهربة من قبيل: أحذية وألبسة ومواد غذائية وحقائب سفر، ومستحضرات عناية بالجسم والشامبو وسجاد، من منشأ تركي وسعودي ومجهول، وذلك في مشهد يعكس تحول هذه المحال إلى منافذ لتسويق المهربات…!.

إذاً فالمواد المهربة تندرج ضمن إطار الكماليات، وزبائنها من الطبقة المخملية غير المبالين بارتفاع الأسعار التي تقض المستهلك المؤطر بالدخل المحدود، وبالتالي لا نعتقد أن ثمة صعوبة بضرب كبار المهربين من حيث المبدأ، كون أن الوصول إلى أصحاب هذه المحال يسهل عملية الوصول إلى من يورد لهم، نظراً لقصر مسافة التعاون بين الطرفين على اعتبار أن مستوى تورطهم متقارب، إذا ما قورن بين كبار المهربين وباعة السجائر المهربة على سبيل المثال لا للحصر حيث أن هنا العديد من حلقات التواصل بين الطرفين الأخيرين..!.

كما أنه إذا ما أمعنا التحليل في ما أوردناه من معلومات حول تمركز المحال التجارية آنفة الذكر وزبائنها، نجد أن هؤلاء هم الذين يشكلون ضغطاً بالطلب على الدولار من السوق السوداء، لتمويل مهرباتهم المخملية، على حساب تآكل القوة الشرائية لليرة السورية، وانعكاسها السلبي على ارتفاع الأسعار، وارتفاع مستوى التضخم، لنخلص بالنتيجة أن هذه الطبقة المخملية خاصة الدخلاء إليها حديثاً، وأغلبهم من تجار الأزمة، بدأوا يعتاشون على قوت المواطن وخيرات البلد، ما يدفع بالمحصلة باتجاه التشدد الصارم لإبادة آفة التهريب وروادها عن بكرة أبيها..!.

يضاف إلى ما سبق أيضاً ملاحظة أن الألبسة الجديدة -وليس القديمة “البالة”- هي من المواد المهربة، وهذا يعني تهديد واضح للمنتج الوطني المثيل، لاسيما في ظل ما قطعته صناعة الألبسة والنسيج من خطوات ملحوظة باتجاه توطينها كعلامة سورية وطنية مطلوبة عالمياً، فبدلاً من العمل على دعم تسجيل حضور هذه العلامة السورية في الأسواق العالمية، نجد أن هناك مسعى مضاد –عبر بوابة التهريب- من خلال إتخام أسواقنا بمنتجات أجنبية لها مثيل محلي..!.

كما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن عدم انقطاع أية سلعة –خاصة تلك الفاخرة منها- من أسواقنا يشير بشكل أو بآخر على “الحصانة غير الشرعية” لكبار المهربين، وعلى المديرية العامة للجمارك مقارعة كبار هؤلاء بشتى الوسائل والسبل، لاسيما إذا ما علمنا أن العديدين منهم لديهم استثمارات إنتاجية في الخارج، ويحجمون عن توظيف أموالهم في المسارات التنموية الإنتاجية في بلدهم، ويوجهونها إلى المشاريع الريعية  ذات الربح السريع، بدليل تملكهم عقارات وقصور فاخرة لا يزوروها إلا في المناسبات بغية المضاربة بها في حال أتيحت لهم الفرصة، مع أخذهم بعين الاعتبار أن مخاطرة المتاجرة بالعقارات تكاد تكون معدومة..!.

حسن النابلسي – البعث