اقتصاد البقشيش‎

403

شارع المال|

تسارعت مؤخراً في سورية ظاهرة البقشيش، حيث لا يمكن للمواطن الحصول على السلعة والخدمة التي يرغبها ويحتاجها دون دفع “المعلوم”، وأصبح الناس يدفعون البقشيش- ليس فقط في المطاعم وصالونات الشعر والفنادق- بل تعدّاه الأمر الدفع من أجل تأمين الاحتياجات اليومية من خبز ومازوت وسلع تموينية.

على الرغم من أن البقشيش عبارة عن مبلغ من المال يدفع “طواعية” من قبل العميل إلى بعض العاملين في قطاع معين مقابل الخدمة التي قدموها، غير أنه في سورية لم يعد البقشيش “خياراً” بل أصبح “ملزماً” وكأنه نوع جديد من أنواع الرسوم التي يدفعها المواطن للدولة كشرط للحصول على نفع خاص، مما يضيف عبئاً جديداً على كاهل المواطن، لكن هذه المرة ليس للدولة!! .. وهنا تكمن الخطورة.

بسبب “إلزاميّته”، سيواجه المواطن “غير الكريم” صعوبة في الحصول على السلع والخدمات الأساسية، وقد تتم معاملته بشكل مهين وسيء نتيجة عدم سخائه!.. مما يخلق شروخاً وتناقضات حادة في البنيان الاجتماعي، ويؤدي إلى إخلال في مبدأ المواطنة وتكافؤ الفرص المنصوص عنها دستوراً في المادة 33 “المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات” و “تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين”، الذي بدوره سينعكس على درجة التماسك المجتمعي التي تعتبر من أهم أركان بناء الدول المستقرة.

قد تجد الحكومة في “رسم البقشيش”  ضرورة في ظروف الحرب الطويلة، فهو يشبه زيت المحرك، يحسّن من أداء وتسريع عمل الآلة، إذ يساعد “رسم البقشيش” في تحقيق دخلاً “أعلى من الحد الأدنى للأجور” لمن يستطيع سبيلا، وبهذا تخفف الحكومة عن كاهلها عبء تحسين مستوى معيشة شريحة من السكان الأشد فقراً.

لكن لاقتصاد البقشيش تداعيات اقتصادية واجتماعية مختلفة، فهو يضر أكثر مما ينفع.
رغم أن “رسم البقشيش” يشكّل مبالغ وأرقام مالية خيالية، غير أنها لا تظهر في الإيرادات الحكومية، وقد تُستغل لاحقاً خارج إطار القانون، مما يعيق من إمكانية تحقيق نفع عام، ويخلق “اقتصاداً موازياً” لا تضبطه قوانين، فاقتصاد البقشيش، هو “عالم موازٍ” له أسراره وقوانينه وألغازه، والخطورة تكمن في استمراره.

هاشتاغ سورية – رشا   سيروب