رئيس هيئة الأوراق المالية: “المركزي” ضيّع فرصة لتعويم سعر الصرف

708

شارع المال|

اقترح رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية الدكتور عابد فضلية تعديل تعديل المرسوم رقم 3 لعام 2020 الذي يجرم التعامل بالدولار، وذلك بتضمينه نصوصاً توجِد أقنية رسمية للفعاليات الاقتصادية للتعامل به، ممعتبراً -ضمن برنامج مين المسؤول عبر إذاعة ميلودي مع الصحفي حازم عوض أن مصرف سورية المركزي ضيّع الفرصة في شهر رمضان عام 2016 لتعويم سعر الصرف، وأهدر فرصة تاريخية أخرى عام 2017 لتعزيز مخزونه من القطع الأجنبي بعدم شرائه للدولار من آلاف الناس التي كانت تتزاحم أمام مكاتب الصرافة لبيعه.
وأشار فضلية إلى وجوب التمييز بين تحرير سعر الصرف وتثبيت سعر الصرف، تثبيت سعر الصرف مهم جداً وهو أهم من قيمته، وتثبيته يعني استمرارية قيمته على مدى طويل نسبياً يصل لأسابيع أو أشهر ما يقلل من الارتباك الاقتصادي ويحرك السوق، ويجب على المركزي أن يجد طريقة لتثبيته.
وأضاف فضلية أنه لا يستطيع أي مصرف مركزي في العالم أن يثبت سعر صرف ويحافظ عليه إلا إذا كان لديه مخزون من القطع الأجنبي وهذا من الصعب توفره في الظروف الحالية بسبب قلة واردات سورية من القطع الأجنبي.
واعتير فضلية أن  تبديل 100$ بسعر المركزي الرسمي على الحدود عند دخول الأراضي السورية هو مبلغ بسيط لأنه يدفع للدولة إلا أن حصيلة هذا الإجراء ضئيلة نسبياً ولا يمكن القول بأنها تدعم المخزون الاستراتيجي من القطع، بل يستخدمها المركزي لتغطية استيراد بعض الاحتياجات الضرورية المحدودة، منوهاً إلى أن دفع البدل بالدولار لمن يعيش خارج سورية قرار جديد يمكن أن يسهم في زيادة موارد الدولة، لكن يجب الأخذ في الحسبان أن يحدث العكس فيما لو راحت العائلات السورية المقيمة تشتري الدولار من الداخل لدفع بدلات أبنائها الموجودين في الخارج ولا يملكون مبلغ البدل.
وبين فضلية أنه هناك سببان للمصرف المركزي بخصوص عدم رفع سعر الحوالات الرسمي لمستوى السوق السوداء، الأولى هي الخوف من رفع تجار السوداء سعرهم ومضاربتهم أكثر ليستحوذوا على هذا القطع، والثانية اعتقاد المركزي بأن إجمالي قيمة هذه الحوالات ضئيلة ولا تستحق القيام بإجراءات كبيرة لغاية تحصيلها، وهذا ليس دقيقاً لأنها قد تصل بضعة ملايين دولار ويورو يومياً كما يقول الكثيرون من العارفين بمثل هذه الأمور وكما كان المصرف المركزي يصرح بذلك قبيل الحرب، فقد يكون عدد الحوالات الشخصية إلى سورية قد انخفض مؤخراً بسبب كورونا إلا أن إجمالي قيمتها لابد أن يكون قد ازداد بسبب ازدياد حاجات العائلات في الداخل إلى المزيد من المبالغ لتغطية احتياجات ونسب تضخم تكاليف المعيشة، لذلك نؤكد ونكرر بشدة على ضرورة أن يتخذ المركزي ما يلزم من إجراءات لجذب هذه الحوالات إلى الأقنية الرسمية.
وأوضح فضلية أن المرسوم رقم “3” الذي ينص على منع التعامل بالقطع الأجنبي منعاً باتاً يعني أن كل المستوردين النظاميين ممن يستوردون ما هو مسموح وضروري ولازم وغير مدرجة سلعهم بالقائمة التي يمول المركزي استيرادها هم من المخالفين لهذا المرسوم كونهم يستوردون بقطع أجنبي معظمه مجهول المصدر، لذلك نؤكد مرة أخرى على تعديل المرسوم لإيجاد الآلية المناسبة والقانونية لهؤلاء لتأمين ما يحتاجونه من القطع دون مخالفة المرسوم والأنظمة النقدية والمالية الأخرى.
وأضاف فضلية أن المركزي كان يرى في فارق الأسعار بينه وبين السوق السوداء مشكلة كبيرة قبل فترة الحرب وفعلاً اتخذ عدة قرارات وتعاميم لتخفيض من مستويات الاختلاف بينهما وقد ألغي بعض منها وأبقي على البعض الآخر لذلك بدأنا نشرات خاصة لأسعار القطع لحالات معينة عمد المركزي إلى إيجادها لتلافي مشكلة الفرق بين السعر الرسمي للقطع وسعر السوق الموازية، لكن هذه الحالة المتمثلة بتعدد نشرات أسعار الصرف هي حالة ليست صحية، بل قسرية لإيجاد مخارج قانونية للوضع النقدي والمالي الشاذ الذي خلقته هذه الحرب.
وبين فضلية أنه تم اقتراح تعويم سعر الصرف في عام 2016 لأنه كان قريب في السوق السوداء من المصرف المركزي، في رمضان 2016 كانت عندها الفرصة التاريخية لتعويم سعر الصرف بعد أن كان الفارق بينه وبين السوداء بضعة ليرات وكان حينها هو الرابح لأنه يخزن مخزون استراتيجي وطني ويحمي من خلاله مخزون دولة، لكن هذا الحل غير منصوح به اليوم لما يسببه من مشكلات.
وبين فضلية أن المصرف المركزي يقود المؤثرات النقدية التي تؤثر على سعر الليرة وهو مسؤول اتجاهها ليقوم بما عليه وبما يستطيع أن يقوم به من أجلها، لكن هناك معوقات في قدرته على إدارة السيولة باعتبار أن معظمها ليس موجوداً لديه أو لدى المصارف والجهات الرسمية، حيث أن جزءاً كبيراً منها موجود نقداً في البيوت وبين أيادي الناس والفعاليات للأسباب المعروفة، علماً أن إدارة السيولة هي مسألة هامة للسيطرة على حركتها وتوجيهها لتصب في عروق الاقتصاد، وليس للمضاربة أو لشراء الذهب والدولار، وهذه من أهم مهام المركزي التي يركز عليها حالياً، وكذلك الأمر بالنسبة لإحدى مهامه الأخرى المتمثلة بتخفيض و\أو تثبيت سعر الدولار، وهذا ما يحاول المركزي التركيز عليه أيضاً، إلا أن هذه المهام هي أيضاً صعبة ومعقدة المستوى وتعقد الوضع الاقتصادي في ظل حرب وحصار وعقوبات ظالمة وحادة ومخالفة للقوانين الدولية.
وتطرق فضلية إلى الآثار السلبية للحصار والعقوبات، وآخر ما يسمى بقانون قيصر التي تسببت باعتذار أعضاء مجلس إدارة بعض المصارف المشتركة والسورية عن الاستمرار بمجلس الإدارة فيما يفكر بعض الشركاء في بيع حصصهم بعد العقوبات الأخيرة على المركزي، مشيراً إلى أن الآثار تضمنت أيضاً تعرض القطاع المصرفي بأكمله حكومي وخاص لمعوقات أو مشاكل أو عقبات، خاصة المصارف الخاصة التي يوجد بها شريك أجنبي، ويحاول عندها هؤلاء الشركاء إما أن يعملوا في المصرف بالحد الأدنى أو أن لا يتدخلوا بالمصرف وكأنهم موجودون فقط لأن رأس مالهم موجود لكن بدون نشاط أو مشروعات جديدة وبإقراض ضعيف. كما أصبح هناك إرباك بالعمل المصرفي بالنسبة للمصارف الخاصة التي لها شركاء أجانب عرب وغير عرب، حتى بالنسبة للمصارف العامة في التحويلات أو التعامل مع البنوك المراسلة، وهذا أدى لإرباك العملية الإنتاجية وعملية التنمية والتمويل.
وبين فضلية أن مشكلة انخفاض سعر الليرة وارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي لها مجموعة متشابكة من الأسباب، والمصرف المركزي ليس وراء انخفاض الليرة كونه لا يستطيع أن يغير سعرها لوحده بل يحتاج مجموعة من الإجراءات التي تشترك بها الكثير من الجهات وذلك باعتبار أن قيمة العملة الوطنية هي نتاج الحراك والنشاط الاقتصادي الإنتاجي، السلعي والخدمي، كما أنها تتأثر بالقدرة على المنافسة والتنافسية في الأسواق الخارجية، وبمدى الاعتماد على الخارج في الاستهلاك و\أو في مستلزمات الإنتاج، وبالتالي فإن أي إجراء يتخذه المركزي لا بد أن يتقاطع معه ويؤازره وينسجم معه على أرض الواقع وبشكل إيجابي ومدروس بقية الإجراءات والخطوات التشريعية والعملية لهذه الجهات الأخرى.
إذاعة ميلودي