آلية غير مكتملة لرفع الدعم خالفت كل التمهيدات وأخرجت الفقير قبل الغني..!.

173

شارع المال|

كما كان متوقعاً، وخلافاً لكل التمهيدات الحكومية لرفع الدعم، حملت الآلية المعتمدة في استبعاد عدة شرائح من الدعم أخطاءً وعثرات بالجملة، أثارت موجة سخط واستياء واسعة لغياب المنطق في التطبيق، وكشف العوز الحاد بقواعد البيانات التي استندت عليها الحكومة، مما أبقى شريحة غير قليلة من أصحاب الثروات تحت مظلة الدعم، على حساب خروج عشرات الآلاف من محدودي الدخل و”معدوميه”!

600 ألف أسرة أي ما يقارب 3 مليون مواطن، استفاقوا على رسالة رفع الدعم عنهم وفق شرائح خالفت كل ما تم التمهيد له خلال الأشهر الماضية، فلم تتحقق الرؤية التي أًعلن عنها مراراً باستبعاد الشرائح الميسورة فقط لصالح الفئات الأكثر احتياجاً، إذ فوجئت عائلات برفع الدعم عنها لسفر أحد أفرادها “وليس رب الأسرة”، وأخرى متهمة بملكية سيارة اشترتها بأقساط أثقلت كاهلها، وأشخاص مصنفون على أنهم مغتربين وهم لا يملكون جواز سفر حتى.! وغيرها عشرات الحالات التي لا مبرر لاستبعادها سوى الفوضى.

متخبط

الأستاذ في كلية الاقتصاد بحلب د.حسن حزوري وصف القرار بالتسرع والمتخبط جداً، حيث ظلم الآلاف من الأشخاص برفع الدعم عنهم مقابل بقاءه لأصحاب ثروات طائلة، فالمعايير التي طبقت كشفت خللاً فادحاً منذ الساعات الأولى لإعلانها، تكشف عن تقاطع خاطئ بكل البيانات الحكومية المعتمدة في هذا القرار.

وأشار حزوري إلى أمثلة عديدة رصدتها الساعات الأولى لرفع الدعم، كاستبعاد من يملك سهم أو حصة في جامعة أو شركة خاصة لا يتجاوز العائد السنوي منها 100 ألف ليرة، مقابل بقاء أشخاص يملكون مئات الأسهم، مستغرباً في الوقت ذاته رفع الدعم عن جميع منتسبي نقابة المهن المالية والمحاسبية بغض النظر عن أعمالهم، وكذلك اعتماد معيار موديل السيارة الأحدث من 2008 الذي حرم مئات العائلات الفقيرة من حقها بالدعم، ومنها من لم يستخدم السيارة منذ سنوات.

حقل تجارب

ووصف حزوري الآلية بحقل تجارب سيزيد الشرخ الاجتماعي بشكل كبير، وسيرفع أسعار السيارات القديمة خلافاً لكل قوانين العالم وقواعده، موضحاً أن سعر البنزين الحر مثلاً كان في حلب 3000 ليرة، فيما ارتفع اليوم لـ4000 ليرة نتيجة الصدمة من خروج معظم السيارات من الدعم وزيادة الطلب عليه، مؤكداً أن المعيار كان يجب أن يعتمد الدخل الحقيقي وليس الملكيات والجمعيات والنقابات.

وحول آلية الاعتراض التي تم الإعلان عنها بيّن حزوري أنها لم تترك مجالاً لشرح الأسباب، حيث يطرح التطبيق عدة أسئلة للمعترض، جوابها محصور بنعم أو لا، فلا يمكن لمنتسب نقابة المهن المالية أن يقول عند سؤاله أنه غير منتسب، وفي المقابل لم يتح له شرح الأسباب لإعادة دعمه، مقترحاً تطوير آلية الاعتراض لبيان الأسباب بشكل دقيق.

غير مسؤول

لم تثمر محاولاتنا بالتواصل مع نقابة المهن المالية والمحاسبية التي عادت كلها دون رد، فيما أوضح زهير تيناوي نقيب المهن المالية السابق وعضو مجلس الشعب أن أكثر الشرائح ظلماً هم أعضاء النقابة التي أسست عام 2014، أي أنها أساساً حديثة العهد، وتضم 17 ألف منتسب معظمهم خريجي كلية الاقتصاد الجدد، فمنهم لا يعمل حتى الآن ومعظمهم موظفون في مؤسسات حكومية لا يتجاوز راتبهم 95 ألف ليرة، متسائلاً: هل سيتم استيعاب 17 ألف اعتراض دفعة واحدة ومن جهة واحدة فقط؟

ولام تيناوي الجهة التي أرسلت القوائم دون توضيح، مؤكداً أن النقابة تنظيم مهني ويجب أن تدافع عن منتسبيها الذين لا يتقاضون أي مردود منها ليتم استبعادهم، معتبراً أن الآلية المطبقة ناجمة عن تصرف غير مسؤول، وهي غير منطقية وغير علمية، مستغرباً استبعاد شرائح أكثر فقراً من غيرها.

وأشار عضو مجلس الشعب إلى تأكيد عدد من الأعضاء على ضرورة عرض الشرائح عليهم وعلى مختصين لدراستها قبل تطبيقها، إلا أن الرد كان بتطبيق فجائي لم يراع أية تشاركية في اتخاذ القرار.

بلا رباط.!

لعل أكثر المصادفات انسجاماً في توقيت رفع الدعم هو اختيار شهر شباط “اللي ما على كلامه رباط” ليكون مماثلاً بتقلباته لتصريحات الحكومة التي لم تربطها كل وعودها السابقة بالوصول إلى آلية عادلة، فانسجم اختيار التوقيت بأمثال القدماء الذي قالوا “راح العاقل كانون واجا شباط المجنون”.!

البعث – ريم ربيع