“مواد القثطرة” تدخل خانة “النقص”.. والمرضى يدخلون خانة “الجشع”..!.

162

شارع المال|

عند كل صراخ لمشفى أو لموجوعين بنقص الأدوية وخاصة الأدوية المزمنة، يخرج لنا مدير التجارة الخارجية ويشرح لنا كيف تعيق التحويلات وصول الأدوية، ولكنه يُبقي نافذة الأمل مفتوحة “ريثما يضطر لتصريح آخر” بالقول: إنه تم التعاقد بمبالغ كبيرة لاستيراد أدوية الأمراض المزمنة.

في الحقيقية هناك نقص واضح في الأدوية، ومؤخرا دخلت عليها مواد القثطرة وسط واقع حال يقول: إنّه لايمكن إلا بذل جهود كبيرة وخاصة لتأمين الأدوية وحماية الناس من جشع تجار الأدوية، ومن فساد أولئك الذين يسربون أدوية القطاع العام إلى السوق السوداء..!.

تقول الحكومة: إنّ الوفر الذي سيتحقق من استبعاد غير المستحقين للدعم سيتم توجيهه إلى الفئات الأكثر حاجة وفقراً.. في الحقيقة إنّ الفئات الأكثر حاجة اليوم هم أولئك المرضى الذين يعانون من دسة أوجاع .. يتفوق فيها وجع الكرامة أحيانا على وجع الجسد ..!

الدولة تدعم قطاع الصحة وجزء من هذا الدعم هو في تأمين أدوية الأمراض المزمنة مجاناً، وطالما هناك نقص وصعوبات في استيرادها.. إذا فلماذا لاتتم إدارة ما تتمكن الدولة من توفيره بشكل كامل عبر سياسة “إدارة النقص” والتي تشكل اليوم أفضل إدارة تم تطبيقها في سورية منذ سنوات وحتى الآن، وحيث أشاعت هذه الإدارة حالة من العدالة ومنع سطوة الفاسدين على المواد الأساسية المدعومة التي تدير نقصها.. ؟ ولتكن مادة الغاز مثالا يحتذى به إذ تمت حماية المادة من السرقة وإتاحتها في ظل نقصانها بطريقة عادلة للناس.

كذلك أدوية الأمراض المزمنة يجب العمل على إدارة نقصانها ووفرتها في آن معا، ولايبدو  الأمر صعباً حيث نفترض أن كل المرضى مسجلين لدى وزارة الصحة، ويوجد قاعدة بيانات واضحة وصحيحة بأعدادهم وأمراضهم وتوزعهم الجغرافي، ويمكن إدارة توزيع الأدوية عليهم بسهولة وبموجب بطاقات على غرار البطاقة الذكية حيث تتم توزيع الأدوية عليهم بعدالة دون حرمان أي أحد من المرضى ودفعه للخضوع لرحمة السوق السوداء البشعة.. وإن كان لابد من التوجه إلى السوق لشراء الأدوية فيكون بالحد الأدنى وعند الحاجة فقط.

إنّ ما يحصل اليوم هو سرقة الأدوية النوعيةوبيعها في السوق السوداء هذا من جهة، ومن جهة أخرى يضطر المريض للجوء إلى تجار الأدوية لتأمين أدويتهمم الدوريةوجرعاتهم وحيث يسجل هؤلاء التجار ضروباً غير مسبوقة من الاحتكار والاستغلال واحتقار وجع الناس مقابل تحصيل المزيد من الأرباح ؟

لقد حان الوقت لتطبيق مفهوم إدارة النقص في قطاع الأدوية المزمنة ففي ذلك إنصاف وتخفيف لوجع الناس الذين اختارت الدولة تحمل مسؤوليتهم ومساعدتهم على تحمل أوجاعهم فكان ذلك في صلب العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها.. اليوم دعم هؤلاء بينما أعداهم في ازدياد هو أهم وأعمق أشكال الدعم بمعناه الاجتماعي..؟

اليوم هناك نقص واضح في أدوية الأمراض المزمنة امتد ليشمل مواد القثطرة، ولابد من إدارة قوية شجاعة قادرة على إدارة الأمور بطريقة سليمة وذكية لضمان وقف وجع المرضى وهم ليسوا بالعدد القليل..؟ 

 
سيرياستيبس