الشركات المساهمة العامة تلتف على تقارير “الحوكمة”

1٬057

خاص – شارع المال|

اعترفت هيئة الأوراق والأسواق والأوراق المالية السورية بمقاومة الشركات المساهمة العامة لجهة إفصاحها عما تتقاضاه الإدارة العليا لهذه الشركات من رواتب وتعويضات، والتي يُتوقع أن “فلكية” مقارنة مع مستوى الرواتب والأجور المعتمد في سورية..!.

وقد بينت الهيئة -في تقرير “حوكمة الشركات الخاضعة لإشراف هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية 2020-2021” والذي أصدرته مؤخراً- وجود مقاومة لدى إدارات الشركات لإضافة بند الرواتب والتعويضات في هذا التقرير، والالتفاف بوضع الأرقام الإجمالية دون تفاصيل، مبينة أنه يتم الإفصاح عن تعويضات ومكافآت الإدارة العليا كأحد بنود تقارير مجالس الإدارة للشركات التي تم توزيعها على المساهمين في اجتماعات الهيئات العامة، كما يتم وضعه لدى غالبية الشركات ضمن بند التعاملات مع الأطراف ذات العلاقة وفق المعيار / 24 / من معايير المحاسبة الدولية، لافتةً إلى أن تعويضات الإدارة العليا تختلف تبعاً لقطاع الشركة وحجم أعمالها وطبيعة العقد الموقع مع أفراد الإدارة العليا..!.

هذا الأمر هو أحد المآخذ على تقرير الهيئة، ولاسيما أن “الشفافية والإفصاح” هما أساس مفهوم “الحوكمة” وقوامه، وبالتالي فإن غياب تفاصيل تعويضات ومكافآت الإدارة العليا لهذه الشركات، يثير الشكوك ويفتح مجالاً لتأويلات لن نتحدث فيها توخياً للدقة والموضوعية.

يبدو أن خلو التقرير من هذه التفاصيل أصبح “عُرفاً” فرضته هذه الشركات بقوة، وذلك بعد أن عُرضت رواتب مدراءها لمرة واحدة فقط في تقرير الهيئة عام 2009، ما أثار وقتها موجة من الجدل نظراً للفجوة الكبيرة بينها وبين رواتب نظراءهم في القطاع العام آنذاك من جهة، وما شكلته من أرقامٍ  فلكية مقارنة مع دخل السوريين في تلك الفترة من جهة ثانية.. ليغيب الإفصاح عنها في التقارير السنوية اللاحقة لاعتبارات لم يتم توضيحها من أية جهة كانت.. وقد تصدر قائمة الرواتب وقتها مدير تنفيذي لأحد البنوك الخاصة براتب شهري مقداره 1.772.393 ليرة سورية أي بما يعادل حوالى 35.5 ألف دولار وفق سعر الصرف الذي كان سائدا آنذاك، إضافة إلى تعويضات سنوية وصلت إلى 21.268.716 ليرة..!.

لدى متابعتنا لبعض حيثيات تقارير الحكومة التي تصدر عن الهيئة سنوياً، ولدى العودة لتقرير 2009 آنف الذكر، تبين أن هناك تفاوت كبير بالرواتب والتعويضات بين مدراء المصارف الخاصة، ففي الوقت الذي بلغ فيه الراتب الشهري لأحد المدراء التنفيذيين –كما أسلفنا- حوالى 35.5 ألف دولار عام 2009، نجد أنه وفي نفس التقرير أن راتب أقل مدير تنفيذي لأحد البنوك الخاصة بلغ 100 ألف ليرة سورية فقط أي حوالى 2000 دولار بحسب أسعار الصرف آنذاك..!.

اللافت في هذا السياق أيضاً هو طغيان الجنسيات غير السورية “لبنانية وأردنية” على أعلى هرم المصارف الخاصة باستثناء “سورية الدولي الإسلامي – بنك البركة – بنك الشام –المصرف الدولي للتجارة والتمويل” ما يثير احتمال أن تمسك الشريك الإستراتيجي لهذه المصارف بالخبرات غير السورية هو مادي بحت وليس بسبب نقص الكوادر، لاسيما بعد مضي أكثر عقد من الزمن على عمل أول مصرف خاص في سورية، وهذه السنوات كفيلة بتأهيل كادر محلي قادر على النهوض بالقطاع المصرفي على أكمل وجه فيما لو كان هناك نية جادة وحقيقية للتأهيل والتدريب…!.

لم ينكر أحد المصرفيين أن بعض رواتب وأجور المدراء التنفيذيين تجاوزت حد الخيال، مبررا أن ارتفاعها يعود إلى خبرة وكفاءة من يتقاضىها، معتبراً في ذات الوقت أن أي مدير سوري يعمل خارج القطر سيتقاضى نفس الراتب إن لم يكن أكثر.

واعتبر المصرفي أن ما يدور من كلام حول المدراء التنفيذيين السوريين للمصارف الخاصة الذين يتقاضون رواتب وأجور أقل من نظرائهم اللبنانيين والأردنيين كلام غير دقيق.

وفي ذات السياق أكد مسؤول مصرفي آخر أن الشريك الإستراتيجي يعطي المدير التنفيذي راتبا خاصا إضافة لما يتقاضاه من المصرف في حال لم يكن راضيا عن راتبه..!.