تصريحات حماة المستهلك “الدوغمة” تشرّعن بشكل غير مباشر تلاعب التجار!

تصريحات حماة المستهلك "الدوغمة" تشرّعن بشكل غير مباشر تلاعب التجار!

222

شارع المال|

تذرّع أحد التجار بتذبذب سعر الصرف والتضخم الحاصل، والذي أدى إلى إرباكات كبيرة، لافتاً إلى أن البضاعة التي يتم شراؤها بسعر مليون ليرة، على سبيل المثال ربما يتغير سعرها بعد أسبوع أو شهر، فيصبح الرقم مليوناً ونصف المليون ليرة أو مليوني ليرة، ما يضطر التاجر لرفع السعر بناءً على المتغير الجديد كي لا يخسر أثناء شراء البضاعة مرة أُخرى.

أرباح وعلاوات!

والأمر بالتأكيد خاضع للمباغتات بل والتحوط لمتغيرات سعرية قد لا تحصل، لكن الأرباح والعلاوات تكون قد أمست في صندوق أو جيب التاجر… يتحدثون بذرائعية عن تدهور الوضع الاقتصادي والتضخم الذي يزداد يوماً بعد يوم، ناهيك عن بعض التجار الذين جُلّ ما يهمهم تحصيل الأرباح الكبيرة بغض النظر عن كل ما تمر به البلاد، والحجة الجاهزة ارتفاع الضرائب والرسوم مُطالبين بالتسهيلات بشكل دائم.

انعكس على المستهلك!

المشهد بمجمله انعكس على المستهلك بالعموم، وبدت المسألة أكثر تعقيداً اليوم ونحن على أبواب المدارس، فالتكاليف حالياً هاجس مؤرق للأسر، بما أنها أمام استحقاق لا يمكن الهروب منه، وهو تأمين أبنائها في المدارس.. وعلى الرغم من التصريحات المستمرة لضبط الأسعار، إلا أن انفلات الأسواق هو العلامة الفارقة لسوق المستلزمات المدرسية كما باقي السلع!.

استرخاء!

بعد التجار كان لابدّ من الرجوع إلى “حماة المستهلك” الذين تتيح تصريحاتهم حالة من الاسترخاء، لا تلبث أن تتبدد بمجرد النزول في جولة إلى الأسوق.. حيث يبيّن مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حسام نصر الله أن تسعير المواد من مديرية الأسعار في الوزارة يتم من خلال لجان التسعير ودوائر الأسعار، آخذين بالاعتبار مراعاة النوع والصنف لكل مادة من المواد وفق أسس مستندة إلى بيانات التكلفة المعتمدَة والمصدّقة أصولاً متضمنة كِلف الإنتاج ومدخلاتها إضافة إلى نسب الأرباح وفقاً للقرارات الناظمة.. لكن السؤال يبقى: كيف سيعرف المستهلك هذه التصنيفات وهل يملك عيناً ثاقبة لسبر المواصفات؟

سوداوية

نعود إلى كلام مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حسام نصر الله، الذي يرد على وجهة النظر السوداوية إزاء وضع السوق، لافتاً إلى أنه تم توجيه كل المديريات لمتابعة أسعار المستلزمات المدرسية في كل الأسواق، حيث تراقب الدوريات الأسواق وعمليات البيع وفق النشرات السعرية الصادرة أصولاً، أو بيانات التكلفة الصادرة ويتم تنظيم الضبوط بحق المخالفين حسب نوع المخالفة تبعاً لأحكام المرسوم 8 لعام 2021. ودفع نصر الله بأرقام عن ” إنجازات مديريته” مشيراً إلى أن الضبوط التموينية التي نُظّمت الشهر الفائت وصلت إلى 236 ضبطاً بمخالفة البيع بسعر زائد، و250 ضبطاً لتقاضي سعر زائد لبدل الخدمات، و124 ضبطأ تتعلق باللحوم الحمراء والبيضاء.

كليشة!

إذاً يبقى رأي ” حماية المستهلك” عبارة عن كليشة تتردد إزاء أي مشكلة في السوق، ومثل هذه ” الكليشات” تدفع المستهلك إلى الاستسلام أمام البائع والتسليم بأن أمور السوق “ممسوكة” أي التصريحات ” الدوغمة” تشرعن بشكل غير مباشر تلاعب التجار، إذ يعتبر الزبون أن كلامهم ” طابو” ولو لم يكن ما يزعمونه صحيحاً لما تجرؤوا أمام زخم التشدد الكلامي لمفاصل ” التموين”.

مهما تحدثنا ودفعنا بمرافعات من أي نوع .. تبقى مزاجية عدد من التجار، إضافةً إلى البائعين في وضع السعر للمنتجات هي السائدة، فالمخالفات ستضاف كقيمة على المبالغ التي ستستوفى من الزبون على كل حال..!!

الأكثر تضرراً

وتبقى الفئة الأكثر تضرراً هي الشريحة العُظمى من المواطنين التي تعيش يوماً بيوم لتأمين كَفاف يومها، وكنموذج عن هذه الفئة أبو ممدوح الناطور في أحد المباني لديه خمسة أطفال في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، قال: إن الأسعار كاوية جداً، بالنسبة للباس المدرسي سيضطر للشراء لطفلين أما باقي أبنائه فلديهم اللباس، وسيضطر لشراء الحقائب لثلاثةٍ منهم إذا استطاع، وإذا لم يتمكن من تأمين المستلزمات لهم فسيضطرون حينها لحمل كتبهم بالأكياس للذهاب إلى المدرسة، مبيناً أن جودة الحقائب لم تعد كالسابق على الرغم من أسعارها المرتفعة بالمقارنة مع قدرة الناس على الشراء، فالحقيبة الأقل جودة سعرها حوالي 15000 ليرة، إلى الأعلى جودة ب50000 ليرة، فسابقاً كانت الحقيبة المدرسية بأسعار مقبولة و تبقى مع الطالب طوال الفترة الابتدائية وحتى يمكن أن تبقى إلى بداية مراحل الإعدادية أما الآن وبسبب القماش الرديء فإنها تتلف خلال مدة محدودة.

ويؤمِّن (أبو ممدوح) المستلزمات المدرسية لأبنائه بين فترة وأُخرى حسب ما تيسر له باعتباره يحصِّل رزقه يوماً بيوم معتمداً على ما يجنيه لقاء تلبية حاجات سكان البناء أو ما يمكن تحصيله من عمله في “العتالة”، إضافةً إلى وصول المساعدات إليه ، وقال بلهجته المحكية ” الله الرزاق وما بيقطع حدا”.

جولة

ومن خلال جولة على عدد من المحال التجارية تبيّن أن الأسعار مرتفعة فاللباس المدرسي الكامل مع الحذاء والحقيبة يكلف حوالي 150 ألف ليرة، أما القرطاسية ما بين دفاتر وأقلام وكتب مدرسية فتصل إلى ما يقارب مئة ألف ليرة، وتالياً لتجهيز طالب واحد فقط يحتاج إلى ما يتجاوز مئتين وخمسين ألف ليرة. فيما يعتبر المعنيون بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنهم يقومون بواجباتهم على أكمل وجه لضبط الأسعار والتباهي بكمّ الضبوط شهرياً.

تقسيط ولكن..!.

يذكر أن المؤسسة السورية للتجارة أعلنت منذ أيام عن فتح باب التقسيط على القرطاسية والألبسة المدرسية والحقائب للعاملين في الدولة بسقف قدره 500 ألف ليرة سورية من دون فوائد، ويبدأ التقديم اعتباراً من يوم الـ 20 من الشهر الجاري وحتى الـ 20 من تشرين الأول المقبل ويسدد القرض خلال 12 شهراً اعتباراً من الشهر الذي يلي محضر الاستلام.

أما الشريحة المستهدفة بالتقسيط فهي العاملون الدائمون في الدولة وأيضاً يمكن أن يستفيد منها أصحاب العقود السنوية غير المنتهية، وأن على كل جهة عامة إرسال قوائم بأسماء العاملين الراغبين بالتقسيط مع الرقم الوطني وتعهد من محاسب الإدارة وآمر الصرف بتسديد الأقساط في مواعيدها وعلى مسؤوليتهم.

تساؤل

وفي هذا الصدد يتساءَل مواطنون: ما الجدوى من أرقام الضبوط الكبيرة من دون وجود رادع حقيقي حتى الآن؟

الآن على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن تستنفر مديرياتها وعناصرها، من أجل التركيز على أسعار المستلزمات المدرسية، فالمنحة التي صدرت بمرسوم أمس، يجب أن تكون فاعلة في تعزيز تمكين الأهل من تجهيز أبنائهم للمدارس…فهي من حق الطلاب وليس التجار .. هذه مسؤولية استثنائية للوزارة في هذا الموسم الحساس من كل عام.

تشرين – نور قاسم