ماذا ينتظرنا في العام الجديد؟

ماذا ينتظرنا في العام الجديد؟

146
شارع المال|
أقصى هدية سيحصل عليها ملايين السوريين الذين يعتمدون على التغذية الكهربائية النظامية ليلة لاتتجاوز ساعتين وصل في ليالي الأعياد الباردة، وغالبا ستكون أقل من ساعة في الضواحي والأرياف والجبال!
ولم يعد أهتمام السوريين العاملين بأجر الذين لايقوون على حفلات الخمس نجوم، ينصب على تنظيم احتفال بقدوم عيد رأس السنة بمائدة عامرة باللحوم والمقبلات والحلويات كما كانت أحوالهم حتى عام 2011.
جل اهتمامهم اليوم سؤال من بأيديهم القرار: هل سيكون عامنا الجديد أسوأ؟!!
لانبالغ إذا ماجزمنا أن العام القادم لن يكون أفضل لأن مفاعيله السلبية بدأت فعليا برفع أسعار المحروقات والأدوية والسلع الأساسية بنسب لاتقل عن 30% في الأيام الأخيرة، وكأنّ عام 2022 الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة يقول لخلفه عام 2023: أسلمك أمانة ملايين العاملين بأجر فلا ترحمهم!!
نعم، كل المؤشرات التي تتحفنا بها الجهات العامة والخاصة تبشرنا بأن ماينتظرنا في عام 2023 ليس سارا، بل في غاية القسوة والإحباط، طالما الشغل الشاغل لها على مدار الساعة، رفع أسعار المحروقات وجميع السلع الغذائية من جهة، وتخفيض القدرة الشرائية للعاملين بأجر من جهة ثانية!
تصوروا أن المكاتب التنفيذية في جميع المحافظات حريصة على رفع تعرفة النقل لسيارات الخدمة والأجرة، لكنها لاتشغل نفسها بالإجابة على السؤال: هل يُعقل أن تشفط وسائط النقل العام 60% من راتب الموظف الشهري لكي يصل إلى مقر عمله؟
طبعا لن ينتظر العاملون أي تخفيض لأجور النقل في عام 2023، بل يتوقعون زيادتها لأن اللجنة الإقتصادية لن تتوقف عن زيادة أسعار المحروقات إلى حد أصبحت حالة عادية أن يطلب صاحب التاكسي مبلغ 40 ألف ليرة كتوصيلة داخل مدينة دمشق وليس إلى ضواحيها.
وبات عدد كبير من العمال يفكر إما بالتقاعد المبكر، أو بالإستقالة، لأن الوظيفة لم تعد تؤمن متطلبات الحد الضئيل جداً من أساسيات العيش الكريم.
ولم يعد ملايين العاملين بأجر يستغربون تصريحات الجهات العامة والخاصة، حول أوضاع الأسواق، فجميعها تشي بأن ماينتظرنا في العام الجديد، إن لم يكن نسخة مكررة ومشوهة عن سلفه الذي يرحل ببطء شديد، فهو أسوأ .
لقد راعت وزارة التجارة الفعاليات التي يكثر الطلب على منتجاتها في الأعياد فرفعت أسعارها رسميا في نشراتها التموينية، ومع ذلك لم تلتزم بها أي فعالية فزادتها من جانبها بما لايقل عن 30%، وباتت طبخة متواضعة في ليلة العيد تتضمن قطعة فروج صغيرة، أو أوقية لحمة مسوفة، تشفط نصف الدخل الشهري لأي عامل بأجر!
ولا تمل وزارة التجارة من تكرار معزوفة أن أسعارها في صالاتها أقل بكثير من الأسوق، ولا يمل القطاع الخاص من تكرار معزوفة توفر المواد في الأسواق دون أي انقطاع، لكن ما من أحد في العام أو الخاص مهتم بالجواب على السؤال: السلع المتوفرة.. لمن؟
لو استندنا إلى المؤشرات التي تؤكد تراجع الإنتاج في المواد الغذائية الأساسية مع مشاهد توفرها بكثرة في الأسواق فهو يعني تراجع استهلاكها لعجز ملايين الأسر السورية عن شراء احتياجاتها الفعلية منها، كما كان حالها حتى الأمس القريب!
ترى هل هذا ماينتظرنا في عام 2023 .. أم اننا سنعاني الأسوأ؟
وبما أن موسم الحبوب هو المؤشر الفعلي لما سينتظرنا في عام 2023 باعتبار مواده الأولية تدخل في صناعة السلع العذائية سواء الأساسية أم الكمالية، هذا إذا اعتبرنا المعجنات والحلويات من الكماليات.. فإن ماينتظرنا ليس إيجابيا بل قد يكون في منتهى الخطورة إذا ماتكرر سيناريو العام 2022 في العام 2023!!
حسب الاتحاد المهني لعمال الصناعات الغذائية والزراعة فإن خسارة الفلاحين في محصولي القمح والشعير بموسم الحبوب الماضي بلغت 1718 مليار ليرة!!
وبرأي الاتحاد أن هذه الكارثة على البلاد وعلى الفلاحين معا ستتكرر في العام 2023 لأن مامن جهة حكومية وضعت إستراتيجية وطنية لمنع حدوثها في المواسم التالية!!
الخلاصة: لاينتظر ملايين العاملين بأجر في عام 2023 سوى المزيد من الإجراءات والقرارات الصادرة من الجهات الحكومية، والمزيد من حالات احتكار السلع والأسواق من القطاع الخاص، التي تستهدف جميعها تخفيض قدرتهم الشرائية أكثر فأكثر!
البعث – علي عبود