رسالة من صحفي إلى “السادة الفقراء المحترمون”!

رسالة من صحفي إلى "السادة الفقراء المحترمون"!

22

السادة الفقراء المحترمون!!
ثمة مهن للفقراء حصراً.. إذا امتهنها الشخص فإنه من النادر جداً أن تأخذه إلى حالة الثراء.. ربما يهرب فقير منهم إلى حارة الأغنياء لكن معظم أصحاب هذه المهن بقي وفياً لفقره.
من هذه المهن الأدب والشعر والإعلام، فهي مهن خاصة لا تؤدي إلى مرحلة الغنى، ولذلك أسباب كثيرة أحدهم قال: إن «الأدب ليس مهنة إنه ببساطة حظ سيئ».
وهناك قصة عن جزار لديه موهبة الشعر فقرر أن يتوقف عن مهنته لمصلحة الشعر وبعد فترة عاد إلى الشعر وقال: «لا تنعتني بصبغة القصاب
فهي أذكى من صفة الآداب
كان فضلي على الكلاب فمنذ
صرت أديباً رجوت فضل الكلاب»
وهذا الأمر ليس خاصة ببلادنا، فمعظم الذين اشتغلوا بالأدب عانوا الفقر، الكتب تذكر هنري ميلر الذي كتب بناءً على طلب أحد الأغنياء قصصاً غير لائقة.. وأيضاً خطيبة ديكنز هجرته وقالت: إنه شاب لطيف لكنه للأسف أديب.
الآن لم يتغير الحال، لكن أكثر المهن فقراً في الوقت الحالي هي مهنة «موظف» فأي شخص في سورية يعمل بأجر شهري بالتأكيد لا يستطيع أن يتدبر أمره.
الموظف الآن وضعه يدعو للأسى ولا يوجد ما يهون عليه سوى ما يمكن أن تأتيه مساعدات على شكل «تسول غير احترافي» من المغتربين.
هناك مهن حرة وحرف معينة استطاعت أن تتدبر أمرها من خلال رفع أجور خدماتها معتمدة على ندرتها في الوقت الحالي، وهؤلاء لا نقول إنهم أصبحوا أغنياء فهذه مبالغة غير محمودة، لكنهم على الأقل نجوا من الفقر والعوز.
لكن الموظفين فقط بقوا في قعر القاع، وأولئك الذين تجدهم في قطاعات معينة استفادوا من مظاهر فساد فهذا نعتبره خارج النقاش.
في سورية أكثر من 2،4 مليون موظف وهؤلاء هم الذين يعيشون في ظل أقل راتب شهري على مستوى العالم في ظروف غير طبيعية من ارتفاع الأسعار والتضخم، ومن الواجب أن يتم الانتباه لحالهم والعمل على تخفيف معاناتهم رغم الإقرار بصعوبة ذلك.
ولعل ظاهرة الاستقالات التي يتقدم بها الموظفون هذه الفترة تعبر عن عمق المأساة الحكومية، فإلى وقت قريب كان الحصول على وظيفة عامة مطلب الجميع، لكن الآن حتى الذين نجحوا في المسابقة المركزية لم يباشروا بها وتخلوا عنها.
وعندما نتحدث عن 2،4 مليون موظف فإننا نعني نحو 10-12 مليون سوري يتأثرون بحالهم.
كانت مهنة الموظف مهنة محترمة وفقدت قيمتها خلال عقود من الزمن.. وسنجد صعوبة في الحفاظ على مهارات وكفاءات في الوظيفة العامة، ويفقد الإصلاح الإداري أي أهمية في ظل هذه الظروف الصعبة.
كانوا يقولون الوظيفة لا تجعلك غنياً لكنها على الأقل تحميك من الفقر.. الآن الوظيفة الوصفة المضمونة للفقر.
أقوال:
– يصنع الفقر لصوصاً، كما يصنع الحب شعراء.
– الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة.
– في ظل حكومة فاضلة الفقر عار، وفي ظل حكومة سيئة الغنى هو العار.
– والناس من خوف الفقر في فقر ومن خوف الذل في ذل.
الوطن –  عبد الفتاح العوض