الخبز… الأزمة المستعصية!

691

شارع المال.

كتب زياد غصن

من واقع تجربتي كصحفي، فإن أزمة الخبز ليست بجديدة…
فمنذ سنوات طويلة، والمواطن يعاني في سعيه للحصول على رغيف خبز جيد… إما جراء صناعته الرديئة، أو لاضطراره للانتظام في طوابير للحصول عليه…
ولا أعتقد أن هناك سنة واحدة مرت، إلا وشهدت ازدحاما على الأفران العامة والخاصة، في حين صناعته تتأرجح بين الرديئة والوسط، وقلما كانت هناك صناعة جديدة…
وعندما نتحدث عن صناعة جديدة لا نقصد بذلك إنتاج مخبز أو مخبزين… وإنما على مستوى البلاد… فلا يصح أن يأكل المقيم في دمشق خبزاً جيداً، ويأكل المقيم في الريف، أو في المحافظات، خبزاً رديئاً.
فهل فشلت وزارة التجارة الداخلية أو التموين سابقاً في إيجاد آلية عمل خالية من الفساد والمصالح تضمن حصول المواطن على رغيف خبز جيد مع احترام لإنسانيته وكرامته، خاصة وأن خزينة الدولة تخسر سنوياً مئات المليارات لقاء دعمها لهذه المادة….؟
ليس هناك من شك في أن وزارة التجارة الداخلية فشلت عبر العقود والسنوات السابقة في معالجة أزمة الخبز، لأسباب متعددة، أهمها أن الوزارة لم تنجح أو لم تعمل بجد على تفكيك شبكة الفساد العميقة، والتي تضع الحكومة دائما أمام خيارين لا ثالث لهما هما….
إما طرح كميات كبيرة من الدقيق والخبز للتخفيف من مشاهد الازدحام أمام الأفران، ولتستفيد شبكة الفساد المذكورة من الكميات الإضافية للمتاجرة بها في السوق السوداء… كطحين أو خبز منتج.
والخيار الثاني الذي تضعه أمام الحكومة هو حدوث ازدحام كبير أمام الأفران، بحيث يصبح الحصول على رغيف الخبز حلماً.. وهذا حدث مراراً ومراراً.
إذا كان هناك خبز يباع لمربي الحيوانات، فمن القادر على استجرار كميات كبيرة؟
واذا كان هناك دقيق يهرب إلى بعض المعامل والورش أو إلى خارج البلاد… فمن القادر على فعل ذلك؟
وأعتقد أن جميع من في الحكومة يدرك هذا الأمر….
واليوم ليس هناك مجال للتجريب في الحلول، فالعديد من الأسر زادت من كمية استهلاكها من مادة الخبز على حساب مواد أخرى لم تعد قادرة مادياً على تناولها… بدليل أن من يقف في الطوابير أمام صالات السورية للتجارة متحدياً البرد والتعب وخطر العدوى بالأمراض…يقف من أجل أن يوفر 2000 ليرة فقط شهرياً!!.
والحل أن تتجه رئاسة الحكومة إلى تشكيل فريق عمل يضم مجموعة من الخبراء والاقتصاديين من القطاعين العام والخاص تكون مهمته كالتالي:
– دراسة واقع المخابز العامة والخاصة بشكل علمي وتفصيلي، ووضع رؤية عملية لإعادة هيكلتها بشكل جذري إداريا وإنتاجيا وبشرياً….
-اقتراح آليات لتوزيع للمادة بناء على أسس تأخذ بعين الاعتبار توزع السكان في كل منطقة، الاستهلاك اليومي، كمية الخبز المنتجة. ويمكن الاطلاع على تجارب دول أخرى، إلا إذا كانت مشكلة الطوابير عالمية!!
وغير ذلك، فإن الاستمرار بالحلول التي تقترح وتنطلق من فكر واحد لن تثمر سوى عن زيادة معاناة المواطن في الحصول على مادة الخبز ، وتكبد خزينة الدولة خسائر كبيرة جراء المتاجرة بالدقيق والخبز في سوق سوداء خاصة بالمادتين…
دون شك هناك عمال كثر شرفاء يعملون في هذا القطاع، لكن جهود هؤلاء تضيع دوما في خضم نشاط الفاسدين المتزايد..
هامش1: في الأزمة التي نعيشها اليوم ثبت مجدداً أن بعض المسؤولين في مواقع مختلفة هم “عالة” على الأداء الحكومي… وسبباً يزعزع ثقة المواطن بالقدرة على تلبية احتياجاته.

سيريا ستيبس