فتوى خاصة لوزير المالية

358

شارع المال|

اللهمّ لا حسد ولا (ضيقة عين) فقد أصدرت الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة (القضاء الإداري) الفتوى رقم ( 34 ) لعام 2021 م والتي تقول:(ليس ثمة ما يمنع من تقاضي وزير المالية حصة من عائدات الجباية وحصص المصادرات الناجمة عن مخالفة رسم الطابع وغرامات الاستعلام الضريبي وحصص الجمارك العامة المترتبة على المخالفات المالية والجمركية) انتهت الفتوى.

نعتقد أن كل هذه العائدات والحصص كانت معمولاً بها، أو على الأقل ببعضها، حتى أن السيد وزير المالية ليس وحده الذي يستفيد قانوناً من هكذا أمور، بل يستفيد أيضاً الكثير من العاملين في وزارة المالية وفي هيئة الضرائب والرسوم وفي مختلف مديريات المالية في المحافظات، وهذا أمر معروف، ولكن لعل السيد وزير المالية أراد تعزيز الموقف بشكلٍ جازم من خلال هذه الفتوى التي تعتمد بكل تأكيد على جملة الأنظمة والقوانين التي تتيح ذلك، والتي تقوم الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة عادة بدراستها عند الاستفسار.. وتصدر الفتوى.

فحلال على وزير المالية، ولا حسد فعلاً ولا اعتراض، فهذا حق ضمنه له القانون، واليوم يزداد هذا الحق ضماناً بصدور الفتوى (34) ولكن من يستفتي الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع بشأننا نحن البائسين المعتّرين ؟

ومن ينظر بحالنا ونحن الأشدّ حاجة للفتوى بمصير دخلنا ورواتبنا الممسوخة وأجورنا التي تضربها عواصف التضخم فتتلاشى وتقترب شيئاً فشيئاً من اللا شيء، فهي ماضية نحو الذوبان بقوة ..؟!

مشكلة رواتبنا معقدة ومركبة، لا يحلها إلا المفتين والمشرّعين الأقوياء، فهي تروي حكاية متناقضة ليس من السهل إدراكها وهذا ما يؤكد حاجتنا إلى فتوى توضح لنا ما يحصل وتحلل لنا مجمل التعقيدات المتناقضة التي نعيشها.

فرواتبنا الآن ازدادت ستة أضعاف عما كانت عليه في بداية الحرب، وفي الوقت نفسه انخفضت عشرة أضعاف عما كانت عليه في بداية الحرب، أجل هكذا .. نحن نعيش اليوم الشتاء والصيف تحت سقفٍ واحد، فكيف ذلك ..؟!

إن رواتبنا التي كان متوسطها /10/ آلاف ليرة عند بداية الحرب، هي اليوم /60/ ألف ليرة، أي أنها ازدادت بوضوح ستة أضعاف. هذا جيد… ولكن العشرة آلاف في ذلك الوقت كانت تساوي /200/ دولار على أساس وسطي سعر الصرف الذي كان /50/ ليرة للدولار.

بالمقابل نجد أن وسطي الرواتب البالغ اليوم /60/ ألف ليرة لا تساوي أكثر من / 19,3 / دولار، وهذا الرقم إذا حسبناه على سعر الصرف السابق، أي /50/ ليرة، يكون الناتج /965/ ليرة، أي أن القيمة الشرائية للستين ألف ليرة اليوم توازي القيمة الشرائية لمبلغ /965/ ليرة قبل الحرب، وهذا يعني أيضاً أن ستة أضعاف الرواتب التي حصلت فعلاً تُشكّل انخفاضاً في الرواتب أكثر من عشرة أضعاف، فكيف ارتفعت رواتبنا ستة أضعاف وانخفضت في الوقت نفسه عشرة أضعاف ..؟!

لا نريد شيئاً سوى فتوى تفتي لنا بهذه المعضلة وتحللها.. وتشرحها لنا بتحديد الأسباب وصولاً إلى النتائج.. فتوى هادئة وعلى رواق.. علنا نعرف بعدها كيف نعيش ..؟ ومن أين نعيش ..؟

سيرياستيبس