تطبيقات تشريعات “التطوير العقاري” تكشف عورة القصور.. والمشروعات تضيع في الحلقات..!

215

شارع المال|

سنوات طويلة أخذتها عمليات طبخ تعديلات قانون التطوير والاستثمار العقاري رقم /15/ لعام 2008 مع ظهور ملامح قصور في بعض جوانب القانون في اتجاهين.. الأول: هو دور الهيئة التي لا تتمتّع بالصلاحيات اللازمة والكافية لدفع ودعم الشركات والمشاريع، إذ ليست هي الجهة المرجعية الوحيدة التي يحتاجها المطوّر العقاري لتنفيذ مشروعه، والثاني: هو شركات التطوير العقاري التي يحدّ القانون من مرونتها ويضع الكثير من العوائق في مختلف مراحل تنفيذ المشاريع.

أمام ذلك يجمع المسؤول والمراقب معاً أن ثمة ضرورة لإعادة النظر بهذا التشريع لمعالجة جوانب القصور التي بدت من خلال تطبيقه العملي، على الأقل حتى تستطيع الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري تفعيل دورها إذا ما منحت صلاحيات أوسع في متابعة إحداث وتنفيذ مشاريع التطوير العقاري والتدخل لمعالجة العقبات التي تعترضها.

اعتراف وعبء

في تقارير وزارة الأشغال العامة المكرورة هناك اعتراف بعدم وضوح التسهيلات والإعفاءات الضريبية للمشروعات العقارية، والتي أرجعها القانون إلى المرسوم رقم /51/ لعام 2006 الخاص بالضرائب، لكن لم تصدر أية أسس توضح بدقة حجم هذه الإعفاءات وكيفية احتسابها، إضافة إلى ضرورة منح مشاريع السكن الاجتماعي تسهيلات وحوافز تشجيعية خاصة مثل إعفائها من ضريبة الدخل لعدد محدّد من السنوات.

في وقت راحت مصادر مسؤولة في الوزارة تتحدث لـ”البعث” عن أولوية التوجّه نحو اللامركزية وتبسيط الإجراءات الحكومية، وإلزام الجهات المعنية الممثلة في النافذة الواحدة بمنح التفويضات الكافية لممثليها بما يضمن اختصار الجهد والوقت اللازم لأي إجراء، علماً أن القانون لم يحدّد العلاقة بصورة واضحة لجانب تأمين الخدمات العامة والمباني الإدارية في الوقت المناسب للمشروعات العقارية التي ستنفّذ وفق خطط الإدارات المعنية، وبالتالي لا بد من توضيح آلية تنفيذ الخدمات العامة والبنى التحتية لمشاريع التطوير العقاري.

وفي مقلب آخر يؤكد العديد من المطوّرين أن القانون والأنظمة الأخرى تثقل كاهل المطوّر العقاري بالرسوم والبدلات التي تشكل عبئاً لا يُستهان به بدءاً من مرحلة ما قبل التنفيذ، ومنها رسم الطابع على العقد، رسوم تصديق المخططات، رسوم عقارية، رسوم إدارة محلية، بدلات الخدمات.. إلخ، الأمر الذي يتطلّب إعادة النظر بهذه التكلفة على الشركات العقارية وجعلها مقبولة ومريحة السداد، ويمكن دراسة توحيد هذه الرسوم والبدلات برسم إجمالي.

أساس التعاقد

تقول مصادر هيئة التطوير العقاري إن القطاع يعاني تأخر إنجاز دفاتر الشروط الفنية والمالية والحقوقية، حيث أسندت مهمّة إنجازها بموجب قرارات إحداث مناطق التطوير العقاري إلى الوحدات الإدارية رغم مرور عدة أعوام على إحداث بعض المناطق، حيث تعتبر دفاتر الشروط أساس التعاقد بين الجهة الإدارية والمطوّرين العقاريين، الأمر الذي أدى إلى عدم التزام المحافظات بطرح مناطق التطوير العقاري المقترحة من قبلهم والمحدثة بقرار صادر عن رئيس مجلس الوزراء.

ومع ذلك لم تتمكن الهيئة من إحداث مناطق للتطوير العقاري في جميع المحافظات، واقتصر ذلك على محافظات (ريف دمشق، حلب، حمص، دير الزور، حماة، السويداء)، وذلك بسبب عدم تجاوب بعض المحافظات من حيث تأمين الأراضي اللازمة لمناطق التطوير العقاري لإحداثها، نذكر منها محافظات الحسكة، الرقة، دمشق.

والحلّ –كما ورد في أحدث مذكرة للهيئة- يفرض ضرورة قيام الجهات المسؤولة عن أملاك الدولة بتطهير عقاراتها من الإشارات والدعاوى المانعة للتصرف بها بغية إحداث مناطق تطوير عقاري جديدة، مع توخي الدقة في تطبيق تصنيف استخدام الأراضي الزراعية، بما يعزّز إيجاد أراضٍ مناسبة لقيام مناطق تطوير عقاري وبما لا يتعارض مع المحافظة على الأمن الغذائي، وزيادة التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية بما يخدم عملية التطوير العقاري، وخاصة بين وزارة الأشغال العامة والإسكان ووزارة الإدارة المحلية والبيئة، ولاسيما في موضوع معالجة السكن العشوائي وتوفير الأراضي لتأمين السكن البديل ووضع دفاتر الشروط.. إلخ.

ضعيف نسبياً

ويرى أحد أقطاب الشركات العقارية في حديثه لنا أنه لابد من تطوير قوانين الاستملاك وإعطائها ما يلزم من المرونة والفاعلية والضمانة الكافية لمالكي الأراضي وخصوصاً التعويض العادل، في ظل محدودية الأراضي المتوفرة والمناسبة من الناحية الفنية أو التنظيمية لقيام مشروعات تطوير عقاري، وفي حال وجود هذه الأراضي تتعدّد عليها مشكلات الملكيات ومواءمتها من جهة خضوعها لمخططات تصنيف الأراضي في وزارة الزراعة والتي تقصي مساحات هائلة، عادة ما تكون مناسبة لقيام هذا النوع من المشاريع، بالإضافة إلى خضوع مخططات هذه المشاريع إلى دراسة وموافقة هيئة التخطيط الإقليمي ويسبقها الحصول على موافقات جهات عديدة كالكهرباء والاتصالات والري والدفاع والإدارة المحلية ومجالس المدن والمحافظين.. إلخ، مما يدخل أي مشروع مقترح في حلقات بيروقراطية طويلة وشائكة وهي بمنأى عن صلاحيات وإمكانيات تدخل الهيئة.

وتبرز –حسب صاحب الشركة العقارية- مسألة التمويل للمشروعات العقارية كإحدى أهم مقومات نجاح هذا القطاع، فكما هو معروف أن مصادر التمويل الرئيسية هي البنوك عادة، ويمكن وصف الأداء التمويلي لمصارفنا بأنه ضعيف نسبياً ويحتاج إلى ضمانات كبيرة تصل حدّ عجز المقترض عن تأمينها، ويعوّل على إحداث هيئة الإشراف على التمويل العقاري التي تهدف إلى تنظيم قطاع التمويل العقاري والإشراف عليه لتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني وتنمية المدخرات في القطاع العقاري وتنظيم سوق التمويل العقاري، غير أن هذه الهيئة ما زالت حديثة العهد ولم تؤتِ ثمارها بعد.

البعث – علي بلال قاسم