لعل العقوبات على روسيا تفتح أبواباً بالاتجاهين بينها وبين سورية تجارياً واستثمارياً

279

شارع المال|

يشهد العالم منذ قرابة الشهر متغيرات دولية واقتصادية مهمة على الصعيد الدولي نتيجة الحرب القائمة في أوكرانيا وتداعياتها وخاصة على الاقتصاد الذي يتأثر بالدرجة الأولى لناحية ارتفاع الأسعار وصعوبات النقل والشحن وتأمين الإمدادات، وعليه فإن الاقتصاد السوري سيتأثر أيضاً، وهنا تكمن المهمة الرئيسية أمام العمل الحكومي لناحية الحد من آثار هذه المتغيرات الاقتصادية العالمية.

وفي هذا السياق تحدث الباحث والدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور إبراهيم علوش، عن العالم كله سيعاني آثار الأزمة الأوكرانية، ولاسيما أوروبا، ويتمثل ذلك بارتفاع الأسعار وعدم انتظام سلاسل الإمداد، ولكن الأثر سيكون أكبر بالضرورة على الاقتصادات المحاصرة، فما بالك باقتصاد يعاني أيضاً وطأة حرب ضروس وعقوبات قانون قيصر الأميركي وهو ما بات يعرفه كل مواطن جيداً.
وأوضح علوش أنه للحد من آثار هذه الأزمة العالمية يجب العمل على اتجاهين إستراتيجيين لمواجهة الآثار المستجدة والقديمة على الاقتصاد السوري، الاتجاه الأول يتمثل بزيادة الإنتاج المحلي، وزيادة التبادل مع الدول الحليفة والصديقة.

وأضاف: لعل العقوبات على روسيا تفتح أبواباً بالاتجاهين بينها وبين سورية، تجارياً واستثمارياً، حيث تعني العقوبات عليها انخفاض المنافسة من الغرب، وسعي الشركات الروسية لإيجاد أسواق بديلة عن الأسواق الغربية.

أما الاتجاه الثاني فهو الترشيق الإداري محلياً، وهو ما يمثل شرطاً ضرورياً لزيادة الإنتاج المحلي واستجلاب الاستثمار الروسي والصيني وغيره، فحتى تفعيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل ضرورة حيوية في ظروف الحرب والحصار، تتطلب تسهيلات إدارية كبيرة من قبيل اختصار المعاملات وحوسبتها وربطها بجهة واحدة. مبيناً أنه بالنسبة للاتجاهين المطلوب العمل عليهما، فإن الإمكانيات المحلية متوفرة لتحقيقهما، والمطلوب هو تعبئة تلك الإمكانيات ووضع خطط عمل مع آلية تنفيذية وجداول زمنية واضحة.

من جانبه أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد أنه بات من الضروري تركيز كل الإجراءات على تعزيز المخازين الإستراتيجية من القمح والمواد الغذائية إضافة إلى المشتقات النفطية، معتبراً أن تأمين مخازين جيدة من المشتقات النفطية يعد العقبة الأبرز أمام عمل الحكومة.

وأشار محمد إلى وجود تصريح سابق لرئيس الحكومة يعود لبداية العام 2020 بين فيه أن مخزون القمح المتوفر لدينا يكفي لقرابة تسعة أشهر، فإذا كان هذا الحديث صحيحاً وما نزال نعمل بالمنوال نفسه فهو أمر إيجابي يعطينا قدراً معيناً من المقاومة لارتفاع سعر القمح العالمي بعد ما وصلت أسعاره إلى ارتفاع بنحو 50 بالمئة وعادت للانخفاض ولكن بشكل طفيف ولذلك ما يزال سعره مرتفعاً عالمياً.

أمام فيما يتعلق بالمشتقات النفطية فقد أصبح واضحاً أن آثار الارتفاع العالمي لسعر النفط قد ظهرت على السوق المحلي، ويبدو أنه لا يوجد حل جوهري أمام عمل الحكومة لأن قسماً من المشتقات النفطية التي تصلنا إن كان في الغاز أو النفط يأتي عن طريق الاستيراد.

فنحو 50 بالمئة من الاحتياجات اليومية من الغاز هي مستوردة وبالتالي فارتفاع سعره العالمي سيؤثر شئنا أم أبينا، هذا ولم نتحدث بعد عن سهولة وصول الإمدادات أو صعوبتها.

وعليه يرى الخبير الاقتصادي أنه من الضروري المحافظة على استقرار توريدات الغاز بالدرجة الأولى. والأمر ذاته بالنسبة للنفط لأن نسبة المستورد منه تبلغ نحو 85 بالمئة من الاحتياج اليومي ولذلك فإن الطامة الكبرى هي إمكانية المحافظة على استقرار التوريدات النفطية والغاز بغض النظر عن ارتفاع أسعارها. وعليه فإن النقطة الأهم هي المخازين الإستراتيجية والمحافظة عليها والعمل على استمرار تدفق التوريدات واستقرارها وخاصة بالنسبة للمشتقات النفطية.

وكان رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس أكد في كلمة له أمام المؤتمر الحادي عشر للجبهة الوطنية التقدمية، أنه لن يكون هناك أي مشكلة غذاء في سورية ولدينا من القمح ما يكفي إلى ما بعد موسم الحصاد القادم إضافة إلى استمرار توريدات القمح والمواد الغذائية الأساسية، مع الإيقاف المؤقت لتصدير عدد من المواد الغذائية المنتجة محليا.

وأشار إلى أن تأمين المواد الغذائية من أولى أولويات الحكومة وكذلك تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي والمشتقات النفطية وإطلاق الإنتاج في المشاريع المتوسطة والصغيرة.

صحيفة الوطن السورية – علي محمد سليمان