وزارة المالية تعمل بنظام ضريبي متعفن دون أي مبرر يسوّغ لها ذلك سوى تقديم المنفعة للتجار والصناعيين المستفيدين منه

774

شارع المال.

لم توفق غرفة تجارة دمشق في حصر ندوتها أمس بالحديث عن “الضرائب غير المباشرة”، الذي أثار اشمئزاز الحضور عن وجود هذا النوع من الضرائب إلى يومنا هذا، إذ قاطع الدكتور إلياس نجمة مجرى الندوة مطالباً بتقديم إيضاحات أكثر عن مغزى وجود ضرائب غير مباشرة في نظامنا المالي اليوم، في حين استغنت عنه الدول المتقدمة منذ عشرات السنين، ووحدت الضرائب بضريبة الثروة والدخل والإنفاق، كذلك عدم قدرة السياسة المالية على مكافحة التهرب الضريبي، ناهيكم عن أن ضريبة الرواتب والأجور معيبة.

نظام بالٍ
ندوة الأربعاء التجاري تعمقت بحديثها عن النظام الضريبي المتعفن والذي لا زال للأسف ساري المفعول، في ظل عدم قدرته على تحقيق الهدف المرجو منه في تحقيق التوازن والاستقرار المالي، فلم يتوانَ خبراء الاقتصاد عن التهجم على النظام الضريبي الحالي ووصفه بالنظام بالبالي الذي لا زالت للأسف وزارة المالية تعمل به دون أي مبرر يسوّغ لها ذلك سوى تقديم المنفعة للتجار والصناعيين المستفيدين منه، في حين أن المتضرر الأكبر منه هو خزينة الدولة، فعلى الرغم من تشكيل لجنة منذ أربع سنوات لتغيير النظام الضريبي من خلال الاطلاع على تجارب الدول الأخرى إلّا أن النظام الضريبي في سورية لا يزال كمن يحارب بسيف عنتر. وفي ذات السياق أكد الدكتور إبراهيم العدي “دكتور في كلية الاقتصاد” أن المطارح الضريبية البديلة موجودة، لكن المشكلة تكمن في ضرورة تغيير النظام الضريبي القائم منذ أكثر من سبعين عاماً، والذي يسمح للكثير من التجار وأصحاب المؤسسات بالتهرب من الضريبة، وعلى الرغم من الصيحات المنادية بضرورة تكليف الأغنياء بمطارح ضريبية وتمويل الخزينة العامة منها من خلال إيجاد صندوق خاص يموّل من أثرياء الأزمة، إلّا أن كادر وزارة المالية لم يغير هذا النظام الضريبي.

مفتت
ويؤخذ على النظام المطبق في سورية أنه نظام الضرائب المفتتة الذي تخلّت جميع الدول عنه عدا سورية، بحيث لكل نوع من الدخل نوع من الضرائب؛ لذلك من الضروري أن تتناسب الضرائب مع الدخول، فتكون تصاعدية بالنسبة لأصحاب الدخول التصاعدية، وثابتة أو متدنية بالنسبة لأصحاب الدخول الثابتة أو المتدنية، وانتقد العدي الضرائب غير المباشرة التي كلما ازدادت دلّ ذلك على فشل الجهات المالية في فرض ضرائب مباشرة.

عجز
ورأى الدكتور علي كنعان “محاضر في كلية الاقتصاد” عجز النظام الضريبي عن تأدية مهمته في إشباع حاجات الدولة اللامتناهية اليوم؛ فالنظام الضريبي خُلق لسد حاجات الدولة، لكن حاجات الدولة اليوم لا متناهية، مقدماً جملة من أسباب التهرب الضريبي، أهمها التفكير بالثروة فقط وانتشار الفساد بسبب تدني الرواتب والأجور، إضافة إلى تخلف الأنظمة والقوانين المتعددة وغير القابلة للفهم والتي تحتاج لمن يرشد المكلف ويعلمه آلية التنفيذ.
وقدّم كنعان نموذجاً عن الضرائب غير المباشرة، كضريبة الرسوم الجمركية العائدة إلى 3000 قبل الميلاد والتي تم تعديلها عدة مرات، لكن طيلة الفترة التي مر فيها التطور الاقتصادي السوري كان حجم هذه الإيرادات 30% في خمسينات القرن الماضي وانخفضت إلى 6% فترة الثمانينات والتسعينات، أما الفترة الممتدة من 2000 إلى 2010 ارتفعت إلى 10% لتعود وتنخفض اليوم إلى 3.2%، ولم يخفِ كنعان مجموعة من البيانات المؤكدة أن البضائع تدخل بشكل تهريب أو حتى مسميات مختلفة، فالمستوردات اليوم تبلغ 8 مليارات دولار أي 3.2 ترليونات ليرة سورية، أما حجم الرسوم الجمركية فهي 74 مليار ليرة سورية.

احتجاج
واستعرض أحمد وقاف معاون مدير التشريع الضريبي في الهيئة العامة للضرائب والرسوم بعض أنواع الضرائب غير المباشرة، كضريبة رسم الإنفاق الاستهلاكي وضريبة المواد المشتعلة وضريبة الرسوم الجمركية ومقطوعية الكهرباء ورسم الطابع… مشيراً إلى احتجاج الكثيرين بعدم سماعهم بها نتيجة عدم وجود ثقافة ضريبية وتشعب النظام الضريبي الذي يحتاج لإعادة صياغة؛ فالهدف من النظام الضريبي هو توجيه رؤوس الأموال وتوجيه الاستثمار؛ لذا يجب مراعاة العدالة والمساواة عند فرض الضريبة ومراعاة وقت فرض الضريبة، إضافة لوجود معايير عند تحديد الضريبة.

البعث – ميس بركات