السيد وسيم قطان.. إن اقتصاد دبي “نمر من ورق”.. والإنتاج بشقيه الصناعي والزراعي هو المخرج لاقتصادنا الوطني وليس “الاستيراد” كما تدعي..!.

706

شارع المال – حسن النابلسي

طالعنا رئيس غرفة تجارة ريف دمشق وسيم قطان بمقترح يصب باتجاه تعزيز المسار الخدمي والتجاري الاستهلاكي، مستنكراً بذات الوقت الدعم الحكومي المقدم للمسار الصناعي الإنتاجي.

وطرح قطان في منشور مطول له على صفحته في الفيس بوك تساؤلات غريبة -سنأتي على بعضها وليس كلها- من قبيل.. “ما الذي عاد على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن من خلاصة كل حِزم الدعم السّخي المقدمة للصناعي..؟”

“وفي المحصلة فليعطنا أحد ما مثالاً على أي صناعي صدّر إنتاجه وأعاد دولارات التصدير إلى البنك المركزي..؟”

“وما الذي ربحه الاقتصاد من دعم الصناعي، وما الذي خسره من استبعاد التاجر وحصره ..هو سؤال لابد أن نبدأ بمحاولة التفكير به واستجماع المعطيات للإجابة عليه..؟”

نؤكد بداية للسيد قطان اصطفافنا الكلي وانحيازنا التام مع المسار الإنتاجي الحقيقي والفعلي، فالصناعة هي الرافع الحقيقي للاقتصاد الوطني، وإذا ما تمت الموائمة الفعلية بين الإنتاجين الصناعي والزراعي، فسينعكس ذلك بالضرورة على مفاصل الاقتصاد الوطني كافة، وبذلك نصل إلى اقتصاد وطني متين الأواصر نضمن على الأقل أمننا الغذائي، مع تسجيل تحفظنا بالطبع على تدني جودة بعض المنتجات المحلية مقارنة بنظيرتها المستوردة، وضرورة الاشتغال على تعزيز تنافسيتها..!.

أما إذا تم فتح باب الاستيراد على مصراعيه كما تدعو يا سيد قطان أسوة بلبنان ودبي، فإن ذلك بمنزلة إعلان وأد الإنتاج وتكريس الاستهلاك كمنهج لاقتصاد يسعى لتثبيت قوامه في خارطة الاقتصادات العالمية، وما اقتصاد دبي ذو الصبغة التجارية البحتة الذي ضربته مثالاً  لتحقيق أكبر معدلات نمو من التجارة والسياحة والخدمات، أشبه ما يكون بـ”نمر من ورق” سرعان ما يتهاوى مع أول هزة تصيبه، ولنتخيل ما كان سيحل باقتصادنا في حال كان تجارياً مثل اقتصاد دبي…!.

كما أن ثمار الدعم الحكومي الموجه للصناعيين –رغم التحفظ على محدوديته- يا سيد قطان لا يؤتي ثماره بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى أمد من الزمن حتى يشتد عوده..!.

وفيما يتعلق بطلب إعطاءك اسم صناعي صدّر إنتاجه وأعاد دولارات التصدير إلى البنك المركزي، فالتاجر يستنزف القطع الأجنبي ولا يبيع دولاراته للمصرف المركزي، وقد أكد حاكم المصرف ذلك علانية أمامكم خلال اجتماع الفريق الحكومي بالقطاع التجاري عندما قال: “أنتم لا تنامون إلا بعد أن تحولوا أموالكم السورية إلى دولارات”، طبعاً هنا نتحفظ على الصناعي قبل التاجر الذي لا يثق بعملته الوطنية، ولا نقصد بكلامنا هذا الدفاع عن الصناعي، ولكن نبين أن التاجر مثل الصناعي في هذا المجال، مع فارق أن عمل الثاني يشد من عضد الاقتصاد الوطني أكثر من الأول.

أما بما يتعلق بالتهريب فهي بلا شك إشكالية كبرى ترقى إلى مستوى جريمة اقتصادية بامتياز، ولا بد أن تضطلع الحكومة بهذا الأمر لاجتثاثه من جذوره، لاسيما إذا ما علمنا أن فاتورة التهريب تصل إلى 250 مليون دولار شهرياً، أي 3 مليارات دولار سنوياً،  في حين أن فاتورة فتح باب الاستيراد على مصراعيه تستنزف 7 مليارات دولار وفقاً لما أكده حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور حازم قرفول خلال الاجتماع..!.

بالتأكيد نحن إذ نعلن اصطفافنا مع الصناعيين في هذه المرحلة بالذات، فهذا لا يعني بأننا ضد التجار، فهؤلاء بالنهاية مكوِّن أساسي لتأمين احتياجاتنا الأساسية ويساهمون بسد ثغرات أسواقنا المحلية بدليل أنه لم تفقد أية سلعة من السوق خلال سنوات الأزمة، فضلاً عن دورهم بفتح أسواق جديدة لمنتجات شركائهم الصناعيين والترويج لها، إلا أن المعطيات المتمخضة عن الظروف التي نعيشها وتحيط بواقع وحيثيات اقتصادنا الوطني تستدعي بالضرورة الوقوف مع الصناعة وتشجيع روادها على تسريع عجلة الإنتاج.

سبق وحذرنا من وقوع أية خلافات أو حدوث أية حساسيات بين اتحاداتنا المهنية المعنية بالنشاط الاقتصادية والتجاري، ونعيد لنؤكد ضرورة وجود إستراتيجية مشتركة بينها، مبنية على أسس التعاون والتنسيق، بهدف الوصول بدفة اقتصادنا الوطني إلى بر الأمان.

أمام ما سبق ذكره فإن على الجهات المعنية خاصة وزارتي الاقتصاد والتجارة الخارجية، والصناعة – ونعتقد أنهما بصورة الوضع كاملاً – أن تكون بمثابة الحكم بين الطرفين وتحقق قدر الإمكان التوازن بينهما، وإن كنا نحبذ الاصطفاف بشكل أكبر لجانب الصناعيين الذين أبدوا رغبة قوية بالإنتاج وقدرتهم على تأمين احتياجات السوق المحلية قدر المستطاع.