هل انتهى زمن “شيوخ الكار” الحقيقيين.. وما سبب تفريغ مفهوم التاجر السوري من محتواه..؟!.

805

شارع المال.

ما أحوجنا في هذه المرحلة لأمثال إحسان البعلبكي وعدنان النن وراتب الشلاح..!.

خاص – شارع المال – حسن النابلسي

لعل أبرز ما لاحظناه من خلال متابعتنا للاجتماعين اللذين عقدهما الفريق الاقتصادي الحكومي مع الصناعيين والتجار كلا على حدا، هو غياب قامات اقتصادية ما كان لها أن تغيب عن هذين الاجتماعين أمثال الصناعي والمصدر عدنان النن، والصناعي إحسان البعلبكي، وغيرهم ممن بقي من الزمن الجميل.. مع تقديرنا بالطبع لمن حضروا…!.

وإذا ما استثنينا ما طرحه رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي من “أنه لم يبق لنا سوى الإنتاج كمورد وحيد لتأمين القطع الأجنبي، وأن الفريق الاقتصادي يدار بعقلية الجباية والتحصيل، وتركيزه على أن الوضع الراهن يتطلب اقتصاد معامل وإنتاج وليس اقتصاد “معابر” كما هو حاصل حالياً”، فإن أغلب الطروحات كانت تصب بالعموم في إطار المصلحة الخاصة الضيقة، وليس العامة الوطنية..!.

كنا نتمنى بالفعل أن يكون لدينا الكثير من القامات الاقتصادية التي كان يزخر بها اقتصادنا الوطني قبل عقدين من الزمن أمثال رئيس اتحاد غرف التجارة السورية السابق الدكتور راتب الشلاح ذو العلاقات التجارية والاقتصادية على مستوى العالم وتوظيفها بما يخدم انتعاش الاقتصاد الوطني، وكذلك رئيس غرفة تجارة ريف دمشق الصناعي والمصدر عدنان النن الذي جعل من ماركة “الدرة” عابرة للحدود بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، إذ اشتغل هذا الرجل على تسويق “صنع في سورية” بكل أمانة ونزاهة استطاع من خلالها انتزاع العالمية بجدارة لمنتجاته التي حجزت لها مكاناً مرموقاً في كبرى المولات العالمية..!.

لكن على ما يبدو أن هذا الزمن هو زمن “المتمولون الجدد” الساعين إلى تضخيم ثرواتهم بأي ثمن كان، .. ما يجعلنا نتحسر بالفعل على أيام رجال الأعمال الحقيقيين، وشيوخ كار طالما تمرسوا عبر تاريخهم التجاري الطويل بأصول مهنة أُس رأس مالها الصدق والنزاهة، والالتزام بمواعيد ومواثيق قطعوها على أنفسهم أمام عملائهم المحليين والعالميين، إضافة إلى تفعيل عجلة اقتصادهم الوطني ودعم ميزانه التجاري عبر التركيز على التصدير أكثر من الاستيراد من خلال البحث عن أسواق جديدة تستوعب المنتجات والصناعات المحلية، والوصول في نهاية المطاف إلى توطين التصدير كنشاط وركن أساسي في المشهد الاقتصادي الوطني..شيوخ كار وظفوا  المعنى الحقيقي لكلمة (شطارة) التي اقترنت بـ(التجارة).

للأسف أوحى اجتماع التجار تحديداً أن مفهوم الشطارة في الوضع الراهن انحرف كثيرا عن جوهره الأصلي متخذا مسارا جديدا خطّه شيوخ كار جدد لم يرثوا أصول مهنة الأجداد على أصولها، معتمدين المعنى الأجوف للكلمة الذي لم يتعدى حدود جمع أكبر قدر ممكن من المال بغض النظر عن أي أسلوب أو طريقة يبررها محبي الثروة ولو كانت على حساب المستهلك الذي يعتبر الحلقة الأضعف في سلسلة العملية التجارية ككل، مفضلين الاستيراد على التصدير الذي على ما يبدو – أن الأخير- قد خرج من قاموس معظم التجار لاعتبارات لها علاقة بضغط التكاليف وتوفير الجهد والعناء، لدرجة أن أغلب تجارنا  تحولوا–حسب بعض المراقبين- إلى وكلاء اكتفوا باقتناء فاكسات يراسلون عن طريقها الشركات المتعاملين معها في الخارج لتقوم الأخيرة بناءً على مضمون الفاكس بإرسال الطلبيات إلى المرفأ، وعندها يأتي شيوخ الكار الجدد لاستلامها وتوزيعها على الأسواق المحلية دون أن يكلفوا أنفسهم عناء السفر أو حتى معاينة البضاعة في بلد المنشأ، ما حدا بالبعض إلى تسميتهم بـ(تجار المراسلة) داعين لوجوب إعادة النظر بمفهوم التاجر السوري لاسيما في ظل تحول أغلب صناعيينا إلى تجار..!.