كورونا يحاصر برنامج إحلال المستوردات

821

شارع المال.

حذّر رجل الأعمال محمد حسام السراج، الذي شرع مؤخراً في تأسيس مشروع لإنتاج حليب الرضع (دون عمر ستة أشهر) ومساحيق أغذية الأطفال، بتكلفة تقديرية تفوق ملياري ليرة سورية، مع توقعات بأن يوفر المشروع أكثر من 100 فرصة عمل مباشرة، إلى جانب الفرص غير المباشرة، يحذر من أن يؤثر تراجع التجارة البينية عالمياً -نتيجة انتشار فيروس كورونا عالمياً- على توريد المعدات وخطوط الإنتاج للمشاريع المشمولة بالبرنامج، علماً أن فاتورة المستوردات من هذه المنتجات تصل إلى 750 ألف طن سنوياً.

ويأتي تحذير السراج في وقت تعكف الحكومة على دعم برنامج إحلال بدائل المستوردات، والذي يغطي 67 مادة، ما يساهم في تقليص فاتورة الاستيراد للسلع التي يمكن إنتاجها محلياً إلى الحدود الدنيا، ويوفر القطع الأجنبي، ويحقق الاكتفاء الذاتي، ويحدّ من تأثيرات العقوبات الاقتصادية الجائرة على البلاد. ويرى مراقبون أن مشاريع البدائل قد تتأثر، نظراً لاعتمادها على آلات ومعدات مستوردة غالباً.

ويلفت رجل الأعمال باسل عبود إلى مخاطر ذلك، وما يترتب عليه من إغلاق مصارف وشركات، وبالتالي عدم دفع رواتب، وعجز عن تأمين المواد الغذائية والصحية وحوامل الطاقة وغيرها.

وتساءل عبود عن الأعمال اليومية التي يؤديها عمال الصيانة والمرافق والخدمات والبنى التحتية، وما تحتاجه هذه الأعمال من قطع غيار ومواد أولية وتجهيزات ونقل، وكيف يمكن لذلك كله أن يتمّ في ظل الحظر، الذي سيؤدي إلى أن تفرغ الشوارع والأماكن العامة من الناس، ما يشجع عمليات السرقة وكسر الأقفال.
ووفقاً لعبود، سيؤدي مزيد من إغلاق المنشآت والمحال التجارية، نتيجة ضعف الاستهلاك وقلّة الطلب، إلى تسريح العمال، ما يخلق مشكلات اقتصادية واجتماعية لأسر هؤلاء العمال، ومثل هذا السيناريو بدا واضحاً في الدول التي لجأت إلى تطبيق حظر التجوال، وتفيد المؤشرات الأولية، إلى أن العالم خسر حتى الآن نحو 25 مليون وظيفة، كما من المتوقع أن تصل خسارة الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى سبعة تريليونات دولار. لذا من الأفضل في الحالة السورية، التصرف بحذر وبشكل مدروس، وتأمين الغذاء والطاقة، وفتح منافذ بيع إضافية لمنع الازدحام، والمحافظة على النظافة وعمليات التعقيم، إذ من الخطأ الاندفاع كثيراً إلى الإمام في ظل بدء انحسار الوباء في غير دولة ومنها الصين.

وتباين أداء القطاعات الاقتصادية المحلية، خلال الأسابيع القليلة الفائتة، على نحو لافت، وقد كانت السياحة والنقل والخدمات والمصارف والتأمين أبرز المتضررين، فيما استفادت قطاعات أخرى منها.. الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية ووسائل التعقيم، كذلك محال ومخازن المواد الغذائية، التي باعت كامل مخازينها، حتى أن بعضها باع مواد منتهية الصلاحية، أو قريبة من انتهاء صلاحيتها!.
ويقلّل خبراء اقتصاديون محليون من احتمال تضرّر البلاد من تداعيات “كورونا”، وإن حدث مثل هذا الضرر، فسيكون ضمن حدود ضيّقة، فالعلاقات الاقتصادية الخارجية ما زالت محدودة، وتكاد تتركز بنسبة كبيرة مع شركاء اقتصاديين محدّدين، كما أن السياحة لم تشهد بعد توسعاً كبيراً، في وقت ظل فيه القطاع الزراعي متماسكاً وقوياً، والأمر نفسه تقريباً لقطاع التجارة الداخلية والتجزئة، في موازاة استقرار الطلب ومعدلات الاستهلاك، ما يعني اعتماد البلاد على مواردها الذاتية بشكل كبير، وخاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي.
أحمد العمار