لا يسمح للصناعي بسحب سوى 2 مليون ليرة.. “القبضة الحديدية” للمصارف على أموالها تعرقل الإنتاج..!.

5٬182

شارع المال|

اتخذت المصارف الكثير من الإجراءات التي يرى القائمون على إدارتها أنها من عوامل الحماية والحفاظ على مال المصارف، بينما وجدها أصحاب الفعاليات الإنتاجية حجر عثرة إضافية في طريق عملهم.
الأمثلة التي يوردها صناعيو حلب عن الشروط الصارمة كثيرة منها أسعار الفائدة المرتفعة، وتقييد حركة السحب والنقل بين المحافظات.
في هذا الملف يستعرض صناعيون من حلب علاقتهم بالمصارف، وكيفية تأثير آلية عمل المصارف في عملهم، والمصرف الصناعي يستعرض تسهيلاته.
في كل اجتماع وملتقى كانت أصوات الصناعيين تعلو مطالبةً برفع سقف القروض لدعم العملية الإنتاجية والمساهمة في إعادة تشغيل المعامل والمنشآت المتضررة، أو حتى الرغبة في إنشاء منشآت جديدة وسط هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
وفعلاً لبى النداء عبر إصدار حزمة من القروض الإنتاجية لدعم المشاريع الصناعية والزراعية.
لكن اللافت والغريب بعد كل هذه المطالبات ضعف الإقبال على هذه القروض من قبل الصناعيين، الذين لم يجدوا فيها “فرصتهم” المأمولة وضالتهم المنشودة في ظل غياب التسهيلات وفوائد مرتفعة لا تناسب صناعاتهم المتضررة
تحفظات عديدة..؟!
صناعيو حلب كغيرهم من الصناعيين كانت لهم تحفظات على القروض الإنتاجية التي أطلقت مؤخراً، الأمر الذي حال دون توجيه الكثيرين منهم إلى المصارف العامة والخاصة للحصول على أحد القروض المعلنة، علماً أن العديد منهم بحاجة ماسة إلى هذه القروض، لإعادة ترميم منشآتهم وتشغيل خطوط إنتاجهم بطاقات أكبر وتمويل موادهم الأولية.
ولاسيما بعد الضرر الكبير الذي طال قطاع الصناعة خلال سنوات الحرب السوداء.
لهذه الأسباب
أسامة خوجة خازن غرفة صناعة حلب وعضو مجلس إدارة فيها تحدث بوضوح وبجرأة العارف عن أسباب إحجام بعض الصناعيين في حلب عن التقدم للحصول على القروض الصناعية والتعقيدات المانعة مع حاجتهم ورغبتهم في الظفر بقروض تسهم في تنشيط صناعاتهم وخاصة في هذه الظروف الصعبة، حيث أكد أن المهم قبل إطلاق القروض والتسهيلات المقدمة تنفيذ بنود وقرارات تسهم في توفير بيئة عمل مناسبة للعمل الصناعي، على نحو يزيح المنغصات والعراقيل التي تعرقل سير العمل والإنتاج، ثم تأتي القروض في المرتبة “العاشرة” لتساعد الصناعي في تشغيل معمله وتحريك عجلة الإنتاج.
تقيد مضر
وبيّن خوجة جملة اعتراضاته على القروض الإنتاجية التي رأى أنه من الأجدى تنفيذها بناء على الأصول المتحركة وليس الثابتة، فاليوم الصناعي بحاجة إلى تمويل المواد الأولية للمنتجات المصنعة في معمله أكثر من الترميم والبناء من جديد، فحالياً يصل سقف تمويل المواد الأولية إلى 500 مليون ليرة، وهذا جيد ولكن المشكلة في تقيد حركة سحب الأموال، حيث لا يسمح للصناعي بسحب سوى 2 مليون ليرة، وبالتالي يحتاج أشهراً طويلة لتأمين مبالغ التمويل في ظل هذا التقيد علماً أننا خصصنا موظفين للسحب من المصارف في ظل هذا التعقيد المضر، وخاصة أن سعر أقل مادة أولية يبلغ ملايين الليرات، فاليوم أقل سعر لقاطع كهرباء صناعي سعره 12 مليون ليرة، فكيف إذا كانت المادة الأولية مستوردة، وشركات الصرافة لا تمول إلّا “كاشاً”؟
وهذا تعقيد آخر من جراء تقيد حركة الأموال والوقت الطويل الذي يلزم لسحبها بسبب هذه الآلية الخاطئة.
وأضاف: لا توجد شركة في العالم تقبل الانتظار كل هذه الفترة لتحويل أموال البضاعة المستوردة إليها، وخاصة أن بورصة أسعار المواد الأولية متغيرة بصورة مستمرة، وأشار خوجة إلى الفوائد المرتفعة على القروض الإنتاجية التي تبلغ 18% في حين الفوائد ضمن برنامج إحلال بدائل المستوردات 7% فقط، وبالتالي تعد هذه الفائدة مرتفعة ولا تناسب الصناعيين الراغبين في الإنتاج، فهذه الفائدة قد توضع على القروض العقارية أو السيارات وليس على صناعي يبذل كل طاقاته من أجل تشغيل معمله والاستمرار في الإنتاج، لذا يمكن عدّ القروض الإنتاجية حالياً “مفركشة”، ويصعب على الصناعي التقدم للحصول عليها في ظل هذه التعقيدات.

تصحيح مسار

وشدد خازن غرفة صناعة حلب على ضرورة تصحيح مسار هذه القروض من دون وضع شروط تعجيزية، والعمل على فتح سقف السحب اليومي مع تقليل نسبة الفوائد بحيث تكون ميسرة ومنطقية تساعد وتشجع الصناعي على تشغيل معمله والمساهمة في النهوض بالقطاع الصناعي في مدينة حلب، على أن ترافق ذلك حزمة متكاملة من القرارات والتسهيلات المشجعة للصناعيين، على نحو يسهم في إزالة كل العراقيل والمشاكل المؤثرة في العمل الصناعي، فالقروض تأتي في مرحلة لاحقة عند معالجة الصعوبات الرئيسة التي تعوق النشاط الصناعي.
وبيّن أنه توجد حالياً مناقشات بين أصحاب القرار والصناعيين في العاصمة دمشق لمعالجة مشكلة الإقراض والوقوف على طلبات الصناعيين الذين يطرحون هواجسهم أمام الجهات المعنية، لتقرر بعدها المطلوب حسب وجهة نظرها.

رقم مقبول
الصناعي محمد صباغ عدّ رفع سقف القرض الإنتاجي بقيمة 3 مليارات ليرة، أمراً جيداً يخدم الكثير من الصناعيين الراغبين في ترميم منشآتهم وتطوير خطوط إنتاجهم أو إنشاء منشآت جديدة، لكن هناك تخوفات عند الصناعيين من عدة أمور أولها ملف القروض المتعثرة التي لم يجد حلاً لها حتى الآن، إضافة إلى وجود تخوف عند بعض الصناعيين من عدم القدرة على سداد التزاماتهم المادية في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه، وتسببت الظروف الاقتصادية داخلياً وخارجياً في تعرضه للخسارة.

فوائد مرتفعة
وأشار الصباغ إلى مشكلة الفوائد المرتفعة على القروض، حيث هناك فرق شاسع بين الفوائد على القروض العادية والفوائد على قروض برنامج بدائل إحلال المستوردات، بالتالي لا بدّ من إيجاد آلية مناسبة تساعد الصناعي على أخذ القرض وسداده من خلال فوائد بسيطة.
مع إعفائه لسنوات من دفع القرض والفوائد عبر أخذ ضمانات تحفظ حق البنك كالعقار.
وفي حال حصل نوع من التعثر يحصِّل البنك أمواله عبر الحجز على أموال الصناعي المقترض من دون منعه من السفر، الذي يعد هاجساً لدى الصناعيين ومصدر تخوف آخر عندهم.

توسيع حلقة الدعم
واقترح الصباغ حلاً لمعالجة مشكلة القروض عبر قيام الهيئات الداعمة للقطاعات المنتجة كهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بتوسيع حلقة استفادة الصناعات المنتجة من برنامج دعم الفائدة وليس الاقتصار على صناعات محددة فقط بحيث يستفيد كل صناعي منتج وخاصة المتضررين، من القروض ذات الفائدة المدعومة 7%، على نحو يضمن تنشيط واقع هذه الصناعات وزيادة الكميات المصدرة.
وبناء عليه يستطيع الصناعي دفع قيمة القرض بكل سهولة مع المساهمة في الوقت ذاته في تطوير القطاع الصناعي، وتنشيط حركة التصدير ورفد الخزينة بمزيد من القطع الأجنبي.

تشرين – رحاب إبراهيم