فكروا خارج الصندوق!

فكروا خارج الصندوق!

144

حسن النابلسي

تستدعي الظروف العصيبة الحالية من الحكومة إجراءات استثنائية لإدارة الأزمة، ومحاولة التفكير من خارج الصندوق، وذلك على المنحيين النقدي والإنتاجي!

لعلَ أبرز إجراء يتوجب أن يبصر النور على المنحى الأول هو رفع سعر الحوالات الخارجية إلى مستوى يوازي نظيره في السوق الموازية، فبذلك نضمن توفيراً نسبياً للقطع من جهة، ودعم المستفيد من الحوالة مالياً من جهة ثانية، وربما زيادة حجم الحوالات من جهة ثالثة، وانعكاس ذلك بالتالي إيجابياً على سعر الصرف!

أما على المنحى الإنتاجي فيجب تكريس سياسة الاعتماد على الذات، والاشتغال على مقومات العمل الإنتاجي الحقيقي، وهذا الأمر يتطلب من الحكومة تعزيز الدعم المقدم للقطاع الزراعي، بحيث يتم فعلياً زراعة كل شبر ممكن زراعته، لا التغني بشعارات إنشائية لا تغني وتسمن من جوع كما حدث في عام القمح المشؤوم!

كما يتوجب على الحكومة ممثلة بمفاصلها التنفيذية المعنية ولاسيما مجالس الإدارة المحلية، تفعيل إنتاج الورش الصغيرة والمتناهية الصغر المنتشرة على مساحة الجغرافية السورية الظاهرة منها “المرخصة نظامياً”، والمخفية “العاملة في الظل”، وذلك من خلال منح إعفاءات مالية للأولى، وتسهيل تظهير الثانية عبر تبسيط إجراءات الترخيص إضافة إلى الإعفاءات المالية لاحقاً، والأهم تأمين تسويق منتجاتها، وبذلك يمكن أن نسد ولو نسبياً احتياجات السوق المحلية بأسعار تواءم القدرة الشرائية، وتمكين القدرة المالية لأصحاب هذه المشروعات!

لاشك أن قطاع الأعمال مدعو وبقوة للاضطلاع بمسؤولياته الوطنية في هذا التوقيت بالذات، خاصة أولئك المصنفون بـ”الكبار”، ونعتقد أن الفرصة الآن مواتية أمامه ليثبت أنه شريكاً للدولة في محنتها، بأن يستثمر علاقاته التجارية مع نظراءه في الدول الصديقة لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطن بهوامش ربح تضمن استمرار الحياة ولو بأبسط صورها، ونعتقد أن هؤلاء الكبار لا تنقصهم الحيلة لتأمين أبسط ما تحتاجه البلاد في مرحلة هي الأقسى بتاريخها المعاصر!

الحلول موجودة بلا شك، وقوة إمكانية تطبيقها مستمدة من توافر مقدراتنا الطبيعية والبشرية، لكن اعتمادها يتطلب إرادة جادة وحاسمة بعيداً عن المحسوبيات التي طالما كانت عنواناً لوأد المبادرات، فالواقع الحالي المرير لا يحتمل أي استهتار ومطلوب من الجميع كل حسب موقعه أن يبادر لكي نعبر بسلام، وإلا سيكون الانهيار الاقتصادي هو الخاتمة!

hasanla@yahoo.com