منحة صورية وقرار غير مبرر!

منحة صورية وقرار غير مبرر!

84

حسن النابلسي

إن تصنيف الحكومة لقرض الـ400 ألف ليرة للعاملين في الدولة والمتقاعدين كـ”منحة” كونه بلا فائدة، ما هي إلا محاولة منها لإضفاء صبغة من العطاء المزيف والاصطفاف الشكلي مع الموظف من جهة، وإقراراً منها بهزالة راتبه الذي بات وجوده أشبه بعدمه من جهة ثانية!

ويبدو أنها تدرك سلفاً أن أغلب الموظفين لن يقدموا على هذا القرض، لاعتبارات تتعلق أولاً بضعف قيمته مقارنة مع ما يتطلبه الحصول عليه من إجراءات روتينية ربما تطلب رسوماً ومصاريف نقل وغيرها قد تعادل نصف هذا القرض، وثانيها توريط الموظف بدين لابد من سداده هو بغنى عنه نظراً لعدم إمكانيته بحل أية مشكلة معيشية، وبالتالي كان الأجدى إما أن يكون مبلغ الـ”400″ منحة حقيقية وليس قرضاً، فهو بالكاد يكفي مصروف أسبوعاً على أحسن تقدير، أو أن تكون قيمته 5 مليون ليرة على الأقل، كي تتم الاستفادة منه على أكثر من صعيد!

لم تمض ساعات قليلة على صدور “منحة الحكومة”، حتى صفعتنا بقرار رفع البنزين والمازوت وذلك بعد مضي أشهر قليلة على صدور آخر قرار بهذا الخصوص، ليأتي كالصاعقة على رؤوس السوريين اللذين يعانون الأمرّين، ناسفاً بذلك أي آمل لديهم بتحسين الوضع المعيشي وتخفيض الأسعار، وكأن الحكومة تصب الزيت على النار دون أية حسابات لما ستؤول إليه الأمور لاحقاً، وتحديداً على الصعيد الإنتاجي!

لاشك أن “منحة القرض” و”رفع أسعار المحروقات” لا تخرج عن سياق قرارات الحكومة المجارية للتضخم، فالأول استهلاكي بحت ولا يسد الرمق في حال كان هناك إقبال عليه، والثاني يحد من الإنتاج ولا يعزز قيمة الليرة ويرفع معدلات التضخم!

إذا كانت الحكومة جادة بدعم الإنتاج فعليها البدء من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهي الرافع الحقيقي للتنمية في بلد مثل سورية، ولعلّ الخيبة سرعان ما تصيبنا – في هذا السياق- إذا ما علمنا أن حصة هذه المشروعات من إجمالي التمويل في سورية لا تتعدى الـ3.8%، وهي نسبة ضئيلة جداً، إذا ما قورنت ببعض البلدان التي تكون فيها النسبة بالحد الأدنى 15% وترتفع في بلدان أخرى لتصل إلى 30%.. هذا فضلاً عما يعانيه القطاع الزراعي من تقهقر ملحوظ زاد من بلّته قرار رفع أسعار الأسمدة مؤخراً والذي يصب أيضاً في خانة مجاراة الحكومة للتضخم!

هذه المرحلة أيها السادة.. لم تعد تحتمل أية قرارات غير مدروسة، وكل قرار يصدر بشكل عشوائي سيكون إسفيناً بنعش الاقتصاد المنهك بالأصل!

hasanla@yahooo.com