ضاعف مصرف سورية المركزي أمس نسبة الاحتفاظ بمراكز القطع التشغيلية (مدينة أو دائنة) لكل مصرف مسموح له التعامل بالقطع الأجنبي، لتصبح 2 بالمئة بدلاً من 1 بالمئة من مجموع عناصر الأموال الخاصة الأساسية الصافية، ما يتيح للمصارف هامشاً أكبر للاحتفاظ بالقطع الأجنبي، كما ضاعف القرار نسبة مبيعات القطع الأجنبي اليومية المسموح بها لتصبح 1 بالمئة بدلاً من 5 بالألف، لتلبية طلبات التمويل بالقطع الأجنبي عن طريق المصارف العاملة. وكان المصرف قد أصدر القرار رقم 292/ل. إ تاريخ 10/03/2019، الذي يتضمن تعديل المادة الأولى والفقرة رقم 1 من المادة الرابعة من القرار 1409/م. ن تاريخ 24/07/2016، بهدف مضاعفة قدرة المصارف على تمويل طلبات الاستيراد خلال المرحلة الراهنة والمقبلة، واصفاً الأمر بحسب إعلانه على موقع إلكتروني بأنه سعي «لتأمين متطلبات تمويل مستوردات القطاع الخاص، ولا سيما خلال الفترة الحالية التي تشهد نشاطاً في القطاعات كافة وبصورة خاصة القطاع الإنتاجي، وحرصاً على تلبية حاجة هذا القطاع من القطع الأجنبي لاستيراد مستلزمات الإنتاج الضرورية ودعم استمرارية العملية الإنتاجية، في ضوء التوجهات الاقتصادية للحكومة».
يأتي هذا القرار بعد أكثر من عامين ونصف العام على إجازة مجلس النقد والتسليف للمصارف المسموح لها التعامل بالقطع الأجنبي؛ الاحتفاظ بمراكز قطع تشغيلية صافية مدينة أو دائنة بنسبة 1 بالمئة كحد أقصى من مجموع عناصر الأموال الخاصة الأساسية الصافية، وإجازة القيام بعملية بيع أو شراء القطع الأجنبي فيما بين تلك المصارف، كما يمكن لها اللجوء إلى مصرف سورية المركزي لبيع أو شراء القطع الأجنبي حيث تقوم بالتقدم بطلب البيع والشراء وفق التعليمات النافذة والتقيد بعدة ضوابط، إضافةً إلى السماح للمصارف المسموح لها التعامل بالقطع الأجنبي ببيع القطع الأجنبي للأغراض التجارية وغير التجارية وفق الأنظمة النافذة، من مراكزها التشغيلية على أن تلتزم في ذلك بمجموعة من الضوابط، وهي ألا تتجاوز قيمة المبالغ المبيعة يومياً ما يعادل 5 بالألف من مجموع الأموال الخاصة الأساسية الصافية.
وتعليقاً على القرار بين نائب رئيس جمعية المحللين الماليين سليمان البري (مدير مالي في بنك خاص) أن مراكز القطع التشغيلي تنشأ جراء حدوث فارق بين الموجودات والمطاليب في الموازنة، الأمر الذي يمنح المصارف هوامش أوسع لتمويل المستوردات، خاصة بعد قرار المركزي أمس، كما يسمح بزيادة حجم المبيعات للمصارف فيما بينها من القطع الأجنبي ومنحها الحدّ الذي تستطيع فيه أن تلبي حاجة المستوردين من القطع الأجنبي، مبيناً أن القرار في المحصلة يمنح مرونة أوسع للمصارف العاملة في البلد لتعزيز دورها في تمويل المستوردات وتأمين القطع الأجنبي ويسهم في تحقيق استقرار في سعر الصرف.
يحتاج إلى دعم في التفعيل
اعتبر عضو غرفة تجارة دمشق محمد أبو الهدى أن أي زيادة في تسهيلات التمويل وتأمين القطع الأجنبي لتمويل المستوردات يمثل خطوة مهمة تسهم في دعم الحالة الاقتصادية، لكن لابد من توحيد سعر القطع الأجنبي الذي تبيعه المصارف للمستوردين وعدم وجود امتيازات لبعض المواد دون الأخرى، إذ إن الكثير من المستوردين يرغبون في توحيد سعر صرف القطع الأجنبي الممنوح لتمويل المستوردات حتى ولو كان قريباً من سعر السوق السوداء.
ولفت إلى أن المصرف المركزي يمول بعض المواد الأولية التي تدخل في بعض الصناعات بسعر ينخفض لحدود 100 ليرة عن السوق السوداء، لكن هذه الدعم يكون لمواد محددة، بينما تفقد المستوردات مثل هذه الميزة، ورغم ذلك ليس لدى المستورد مشكلة في تمويله بالقطع الأجنبي حتى ولو كان مشابه للسعر في السوق السوداء لأن الأهم هو تأمين القطع الأجنبي، وتصدير نشرة يومية تظهر سعر التمويل للمستوردات ليتمكن المستورد من احتساب كلفه والنفقات التي تتطلبها عملية الاستيراد، وخاصة أن التجار والصناعيين يتحملون الكثير من النفقات الإضافية بسبب التأخر في تأمين القطع الأجنبي لتسديد قيم المستوردات، وفي المحصلة تطرأ ارتفاعات على قيم الإنتاج المحلي وهو ما لا يرغب به الصناعي أو التاجر ولا يصب في مصلحة الإنتاج المحلي والمستهلك.
وبيّن أبو الهدى أنه من الضروري منح دور أوسع في هذا المجال للمصارف العاملة في البلد وعدم ترك المستورد عرضة لتباينات السوق والمضاربين، معتبراً أن مثل هذا القرار هو في الطريق الصحيح ويحتاج لدعم في التفعيل، خاصة وأن الكثير من الدول المجاورة تستفيد من بعض القرارات الخاطئة لدينا، وعبر التهريب الذي شكل خلال السنوات الماضية ظاهرة خطيرة على الاقتصاد الوطني وتتحمل اليوم الحكومة جهداً كبيراً لضبط هذه الظاهرة ومكافحتها.
الوطن