هل يشهد 2020 اندلاع أزمة مالية عالمية؟.. ثمّ ما شأننا نحن؟

920

شارع المال.

توقعت إدارة المخاطر في بنك “جي بي مورجان” الأميركي نشوب أزمة مالية عالمية جديدة عام 2020، وسط قلق ساد أسواق المال، منذ بضعة أشهر، خاصة بعد تراجع الطلب على السندات الأمريكية، وانخفاض ثقة الشركات الألمانية، وهبوط الإنتاج الصناعي في الصين والولايات المتحدة.

وجاءت توقعات البنك بناءً على تحليلات لحركة وأداء السوق خلال 10 أعوام من اندلاع الأزمة السابقة في 2008.

وأفاد تقرير لصحيفة التايمز بأن الفترة الحالية يسود القلق في العالم بأسره خشية حدوث ركود اقتصادي وشيك، ولكنه في بريطانيا أكثر من غيرها، حيث توشك على مغادرة الاتحاد الأوروبي وما يحمله ذلك من تحديات للاقتصاد.

وأشار التقرير إلى أن ناتج التصنيع في الصين انخفض العام الماضي إلى أقل معدلاته منذ 17 عاما، كما تقلص الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2% في الربع الثاني من العام السابق، وهو الحال ذاته في بريطانيا.

وقالت الأمم المتحدة إنها تتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي 3% هذا العام (2020)، وهو ما يقل قليلا عن معدل نموه في 2018 البالغ 3.1%.

ويشيرخبراء أسواق المال إلى أن العديد من الشركات الكبرى الأميركية والأوروبية مستمرة في تسريح العمال على مستوى لم نشهده منذ الركود الأخير، والأمثلة عديدة:

البنك الألماني (Deutsche Bank) أعلن في شهر تموز الماضي عن تسريح 18 ألف موظف في مختلف فروعة حول العالم (في إطار خطة خفض العمالة المستمرة حتى عام 2022 لتصل إلى 74 ألفا).

والعديد من السلاسل التجارية الأمريكية، الفارهة والعادية منها، أغلقت فروعها.

وكذلك شركة السيارات اليابانية العملاقة “نيسان” استغنت عن 12500 وظيفة في جميع أنحاء العالم.

أما شركة فورد فقد أعلنت في حزيران أنها ستخفض بمقدار 12 ألف عامل في أوروبا قبل نهاية 2020.

ويقول الخبراء إننا نعيش الآن مرحلة اقتصادية خطيرة جدا، تهدد بانهيار النظام الرأسمالي، فهناك على ما يبدو سعي محموم من البنوك المركزية لشراء الذهب، وهو مؤشر على قلق هذه البنوك من المستقبل، فالأوراق النقدية المطبوعة في السوق أكبر بكثير من القيمة الحقيقية لها، ومع استمرار طباعة العملة، وتكدس البضائع وارتفاع أسعار الأسهم دون ارتفاع موازٍ في الإنتاج أو البيع وأرباح الشركات، وكذلك ارتفاع قيمة مؤسسات تقدم خدمات يمكن وبسهولة الاستغناء عنها كالشركات التقنية التي بلغت قيمتها الاسمية تريليونات من الدولارات.. كلهذا يرجح أننا مقبلون على “فقاعة مالية نووية، ونحن في انتظار بدء السلسلة في التفاعل”.

إنذارات كاذبة!

بالمقابل يرى مختصون أن هناك مبالغة في هذه التوقعات، إذ لا يوجد مؤشرات تدل على احتمالية نشوب أزمة مالية عالمية.

أستاذ الاقتصاد في جامعة أوكلاند الأميركية، مصطفى شاهين، يرى أن هذه التوقعات مبالغ فيها، مضيفا: “الأزمة المالية العالمية تكون مؤشراتها مرتبطة بحجم المديونية الخارجية خاصة إذا عجزت بعض الدول عن السداد”.

وتابع شاهين، في حديث لموقع “عربي21”: إن “مؤشرات نشوب أزمة مالية عالمية ضعيفة إلى الآن، لأن معدل النمو في أمريكا جيد، ومعدل البطالة فيها انخفض أيضا، ووصل إلى 3.5، وهذه أول مرة منذ خمسين عاما يصل فيه لهذه النسبة”.

وتابع: ”الأزمة تحدث إذا انخفض ناتج الدولة، فمثلا دولة صادراتها قوية هذا يقلل طلبها على الاستيراد بالتالي تتأثر الدول الأخرى سلبا وينخفض ناتجها، لكن لا أرى الآن مبررا للقول بأن هناك انخفاضا في الاستيراد من الخارج”.

وأشار إلى أن الدول الأوروبية هي فقط التي تعاني حاليا وخاصة ألمانيا، التي لديها ركود، مضيفا: “ولكن لا يمكن أن يدفعنا انهيار مدخول بعض الدول للقول بأن هناك أزمة مالية عالمية مقبلة”.

الأزمة بعيون عربية

يرى خبراء عدة أن الأزمة المالية العالمية إن حدثت في عام 2020 فلن يكون أثرها قويا على الدول العربية، باعتبار أن أغلب اقتصادها ريعي.

ويقول هؤلاء إن الدول العربية هي خارج إطار التأثر بالأزمات المالية العالمية، فأغلب اقتصادياتها تعتمد على النفط، فلو انخفض سعره فستنخفض إيراداتها، لكن الدول النفطية عندها احتياطيات جيدة، وبالتالي فهيتستطيع أن تسحب منها وتمر من الأزمة. أما الدول العربية الأخرى فلا يرتبط تصديرها بالاقتصاد العالمي، خاصة أن بعضها يصدر كميات محدودة من المعادن.

إن الدول التي تتأثر بالأزمات المالية العالمية هي التي تكون فاعلة في الاقتصاد العالمي، والدول العربية تلعب دور التابع، وهي ليست مؤثرة في حركة الاقتصاد العالمي لأنها ليست دولا منتجة.

عشرة مؤشرات على أزمة اقتصادية وشيكة

  • الفارق بين عوائد السندات الأمريكية لأجل عامين والأعوام العشرة أصبح سالباً لأول مرة منذ 12 عاماً، بعدما حدث انقلاب في منحنى العائد قبل كل ركود أمريكي واحد منذ الخمسينيات.
  • انخفضت معنويات المستهلك الأمريكي إلى أدنى مستوى شهدناه في عام 2019.
  • 74% من الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع من قبل الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال يعتقدون أن الركود سيبدأ في الولايات المتحدة بحلول نهاية عام 2021.
  • تراجع الإنتاج الصناعي الأمريكي إلى منطقة الانكماش.
  • انخفض مؤشر مديري مشتريات التصنيع في (IHS Markit) إلى أدنى مستوى شهدناه منذ أيلول 2009.
  • احتمال إفلاس الأرجنتين، حيث انخفضت قيمة عملتها 30%، وانتشار أخبار عن إمكانية إفلاسها.
  • ارتفع عدد طلبات الإفلاس في الولايات المتحدة بشكل مطرد، وارتفع 5% أخرى خلال شهر تموز.
  • انخفض حجم شحنات الشحن الأمريكية على أساس سنوي لمدة 8 أشهر على التوالي.
  • وفقًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فإن احتمال حدوث ركود في غضون الـ12 شهراً التالية هو الآن أعلى مستوى له منذ الأزمة المالية الأخيرة.
  • يقترح ترامب أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس وأن على مجلس الاحتياطي الفيدرالي إعادة تشغيل التيسير الكمي في أقرب وقت ممكن. كلتا الحركتين ستعتبران “إجراءات طارئة” يجب ألا تحدث إلا إذا كان هناك تباطؤ اقتصادي كبير وشيك.

إضافة إلى ذلك فإن أكبر اقتصادين في العالم منخرطان في نزاع تجاري مرير للغاية، وهذا كاف لجر الاقتصاد العالمي في ركود عميق.

على جانب آخر، تحاول إدارة ترامب أن تطمئن الجميع إلى أن كل شيء سيكون على ما يرام، ولكن وراء الكواليس يبدو أنها تستعد للأسوأ.

صحيفة الأيام