حتى في سنوات الرخاء السوري، حافظ لبنان على مكانته كوجهة مفضّلة لكثير من الأنشطة الاقتصادية السورية. وهذا ما كان يقابله أيضاً سعي لبناني محموم للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق السورية من جهة، ومن مرونة الجهاز المصرفي اللبناني لاستقطاب المزيد من الودائع والتحويلات السورية الخارجية من جهة أخرى. لذلك، كان من الطبيعي في سنوات الحرب والحصار أن يتحول لبنان إلى متنفّس اقتصادي حيوي للسوريين، وملجأ للكثيرين منهم، إما لموقف سياسي معارض، وإما هرباً من جحيم المعارك. إلا أن أكثر ما استقطب الاهتمام في شكل العلاقة الاقتصادية الجديدة المتشكّلة مع لبنان بفعل الحرب الحالية، كان حدثين اثنين: الأول هو النزوح الكبير للأموال السورية نحو البنوك اللبنانية طيلة سنوات الأزمة، والثاني ارتفاع حجم الحوالات المرسَلة من سوريين في الخارج عبر قنوات لبنانية، رسمية وغير رسمية، إلى أقاربهم ومعارفهم. هذان الحدثان أثبتت التطورات اللبنانية الأخيرة تأثيرهما العميق في أداء الاقتصاد السوري.